حمل قرار المكتب التنفيذي لحزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل) رقم :2022/01، الصادر بتاريخ: 26/05/2022 خروقات عديدة للنظامين الأساسي والداخلي للحزب؛ فهذا القرار الذي أقر:
المادة الأولى:" يتم إنزال عقوبة الفصل النهائي للسيدة النائب سعداني منت خيطور من عضوية حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية "تواصل".
المادة 2: تكلف الأمانة العامة وأمانات التنظيم والأمانة الوطنية للمنتخبين والأمانة الوطنية للشؤون القانونية –كل فيما يعنيه-بتطبيق هذا القرار.
المادة 3: يبلغ القرار لكل من يهمه وفق الإجراءات القانونية والإدارية"
كما وأوصى بأن يشمل توزيعه: "الجمعية الوطنية –وزارة الداخلية واللامركزية - اللجنة المستقلة للانتخابات -المعنية والأرشيف".
هو مجرد قرار ابتدائي خرقت الجهة مصدرته القانون حين سمحت بإذاعته بين الناس وأوصت بتوزيعه حيث لا ينبغي ذلك، حيث لم يكن له أن يوزع إلا داخليا وفى أضيق الحدود.
فلأنه على ضوء مقتضيات المادة 114 من النظام الداخلي: "يحق للعضو موضع العقاب أن يتظلم أمام هيئة التحكيم في أجل لا يتجاوز خمسة عشر يوما..." ولأنه من خلال فقرتها الثانية تم تحديد الشروط واجبة التحقق حتى يحوز قرار توقيع العقوبة صبغة النهائية فى:
-إهمال العضو لتقديم تظلمه في الأجل.
-وما سماه النظام الداخلي "حالة عدم قبول هيئة التحكيم التعهد في التظلم"، الذي مؤكد أن المقصود منه "رفض الدعوى" لا "عدم قبولها" باعتبار الاختصاص الحصري لهيئة التحكيم بالنظر في التظلم ضد القرارات بتوقيع العقوبة.
-الشرط الثالث يؤكد ذلك المعنى؛ حيث إن إعطاء المادة للخاضع للعقوبة حق الدفاع عن نفسه وتقديم أي دليل يراه مناسبا لإثبات حقوقه يقتضي تمكينه من تبليغ حجته أمام هيئة التحكيم. التي لها أن تطلب من المكتب التنفيذي مراجعة القرار الابتدائي محل التظلم المعروض عليها؛
ولأن القرار النهائي بمنطق المادة 115 من النظام الداخلي هو ذلك الذي يتخذ من المكتب التنفيذي بناء على طلب المراجعة:" فى حالة طلب المراجعة من هيئة التحكيم وفق ترتيب المادة السابقة (113)، فإن المكتب التنفيذي يتخذ قراره بشكل نهائي بناء على طلب المراجعة"؛
لكل ذلك، كان ليكتفي بتبليغ القرار:2022/001 للمعنية ولهيئة التحكيم، أما تداوله على هذا النطاق الواسع فمثل في آن: دليل وجود نية مبيتة لدى مصدرة القرار باتخاذه ولو بالقفز على المنظومة القانونية للحزب. كما وحمل تعد حقيقي على حقوق عضو تضمن له قوانين الحزب وفوقها المنظومة القانونية للجمهورية حقوقه الثابتة في طلب الانتصاف والحصول عليه.
أما من حيث تأسيسات القرار نفسه، فقد انبنت على حيثيات أربع:
أولاها :"تمكين المعنية من حقها في الدفاع عبر لقاءات مع اللجنة المكلفة بالانضباط المنبثقة عن المجلس التنفيذي": هذه الحيثية لا تصلح للتأسيس للقرار؛ لمخالفتها للواقع فاللجنة المذكورة التقت كثيرا من الأعضاء ولم تقابل السيدة النائب في إطار اتهام محل تحقيق من اللجنة ولم توجه إليها استفسارا مكتوبا أو شفهيا، وفوق ذلك، فإن دور مثل تلك اللجان، لا يعدو رفع تقرير بما أنجزت في إطار ما كلفت به، على أن يرتب عليه المكتب التنفيذي ما يراه من متابعات تتاح بمناسبتها للمشمولين بها فرصة الدفاع عن أنفسهم حال انصرفت إرادة المكتب لعقابهم وفق اشتراطات المادة 54 من النظام الأساسي التي تنص على:" لا يعاقب أي عضو إلا بعد تمكينه من حقه في الدفاع." الشيء الذي لم يتحقق بمناسبة مداولة المجلس التي أقر القرار خلالها، فلا السيدة النائب استدعيت للمثول أمامها أو بلغت بها، بل هي لم تخطر أنها محل اتهام أصلا!
وتقدم الحيثيتان المواليتان دليل صحة ما تقدم؛ فالتأسيس على أنه: "بناء على استفسار المعنية إثر وقائع سابقة مخالفة لنصوص الحزب ومعاقبة بها "، وأنه:" بناء على تكرار نفس الوقائع، وارتكاب وقائع أخرى أكثر جسامة" يكشف أن القرار اتخذ بمناسبة وقائع جديدة لم ترق لمن وراءه، فقام باستدعاء ما كان وقر في قناعته مما انتهى إليه تواصل اللجنة المكلفة بالانضباط مع عدد من منتسبي الحزب بمن فيهم السيدة النائب، حتى وإن كانت تلك الخلاصات لم يعلم بها أولئك الأعضاء ولم يتح لهم التعليق عليها.
إن تلك الحيثيات مجتمعة فوق ما تقدم، لن يتأتى لها -رجعيا-أن تصلح للتأسيس بمناسبة اقتراف وقائع جديدة حتى ولو كانت أكثر جسامة إلا في حالة واحدة؛ وهي أن تكون عقوبة بالفصل النهائي مع وقف التنفيذ قد وقعت بحق السيدة النائب بمناسبة نتائج ما انتهى إليه عمل اللجنة المكلفة بالانضباط، وهو الشرط غير المتحقق مطلقا.
دليل عدم تحقق ذلك الشرط تكشفه الحيثية الأخيرة للقرار:" بناء على أن عقوبة الاستفسار لم تكن كافية للردع، واستدعاء الوقائع المعاقبة الموجبة لعقوبة الفصل على معنى المادة 113من النظام الداخلي"، فالقرار يدعى أو هو يعد مجرد مقابلة اللجنة المكلفة بالانضباط عقوبة بمرتبة "استفسار"، لكنه حتى مع التسليم معه جدلا بذلك يضيق واسعا ، ويعزز الادعاء بتوافر النية المبيتة للعقاب ، ذلك أن المادة 53 من النظام الأساسي تتيح في سبيل ضمان و تكريس الانضباط الحزبي اللجوء عند الضرورة إلى عقوبات حدها الأدنى الاستفسار ، وفى أقصاها الفصل ، لكن القرار اعتبر في شطط واضح في استخدام صلاحيات المكتب أن عدم الارتداع بعقوبة الاستفسار هو الذي برر اللجوء إلى الفصل متغاضيا عن وجود :الإنذار والتعليق المقررين بنص تلك المادة :" يحرص الحزب على تكريس الانضباط الحزبي في عمله؛ وضمانا لذلك له أن يلجأ عند الضرورة إلى العقوبات التالية: الاستفسار-الإنذار-التعليق-الفصل."
فوق ما اعترى القرار من خرق للقانون وشطط في استخدام السلطة وضعف في التأسيس، فإنه من ناحية بنائه يخرج عن المألوف؛ ذلك أن العادة أن يتم استعراض الوقائع أولا ثم يعقبها النص القانوني الذي تشكل انتهاكا له ثم في الجزئية الثالثة اسقاط النصوص على الوقائع ليصار إلى تقرير الجزاء المترتب على ذلك، بينما في القرار:2022/001، تقدم ذكر المواد القانونية محل الاعتبار ودون تفصيل أو حتى ذكر لمقتضياتها المنطبقة، وغاب أي ذكر للوقائع، ما يبرر اعتبار القرار غير مسبب بالمرة.
دفعت تلك العوامل مجتمعة إلى أن يأتي تقرير العقاب بصياغة تكشف الارتباك الواضح في القرار، لدرجة أنه عمليا لم يحدد على من تم "إنزال العقوبة"!؛ ذلك أن تعبير :(يتم إنزال عقوبة الفصل النهائي للسيدة النائب سعداني منت خيطور من عضوية حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية" تواصل") يعنى جعل الفصل النهائي للسيدة النائب عقوبة، دون أن يحسم بشأن على من تم إنزالها. ويجعلها متعدية إلى غير ليس غريبا أن يكون الحزب نفسه وفى أعزما يملك كإطار لاحتواء جميع الآراء والأطياف ضمن خطه الجامع...
ثانيا: رغم كونه مجرد قرار ابتدائي يتناهشه: خرق القانون والشطط في استخدام السلطة وعدم التسبيب، وأنه إن أفلت منها بعضا أوكلا في مرحلة التظلم، فلن يكتب له ذلك في غيرها، فإن القرار قد حمل ما لا يحتمل.
إن ملكية المقعد النيابي مقررة بالبداهة لشاغله المنتخب من الشعب، إلا إذا قرر القانون وبشكل حاسم خلاف ذلك؛
كما هو المعتمد بالنسبة لغانا والرأس الأخضر ونيجيريا وأوغندا واليابان والفليبين والبرتغال التي ترتب على انضمام النائب لحزب غير الذي رشحه عودة المقعد النيابي للحزب الذي رشحه. بينما في دول أخرى يفقد النائب مقعده إذا فصله حزبه كما عليه الحال فى تايلاند والغابون والنيبال وسريلانكا، أما فى بنغلادش وبابوازي غينيا الجديدة فيفقد النائب مقعده إذا صوت ضد توجهات حزبه. في حين ترتب دول مثل الهند وباكستان نفس النتيجة على مجرد امتناع النائب عن التصويت لصالح تلك التوجهات. (د. محمد ادريس حرمه بابانا، توفير الحلول قبل الاقتراعْ، لفض ما قد ينشب بين الحزب والنائب من صراع، مقامة نشرت بين يدي إجراء أول استحقاق نيابي يعقب التعديل الذي طرأ على المادة 22/جديدة من القانون النظامي المتعلق بانتخاب النواب في الجمعية الوطنية).
في موريتانيا و في ظل القوانين النافذة التى تجعل الاستخلاف على شرط تحقق شغور المقعد النيابي "المادة 28/الأمر القانوني رقم 91-028 الصادر بتاريخ 7 أكتوبر 2992، المعدل، المتضمن للقانون النظامي المتعلق بانتخاب نواب الجمعية الوطنية"، فإن مقتضيات المادة 22/جديدة من القانون النظامي رقم 2018-006 القاضي بتعديل أحكام القانون النظامي رقم 2012-029 الصادر بتاريخ 12 أبريل 2012 المعدل للأمر القانوني رقم 91-028 الصادر بتاريخ 7 أكتوبر 1991 المعدل، والمتضمن للقانون النظامي المتعلق بانتخاب النواب في الجمعية الوطنية التي أصبحت تنص على أنه :" يفقد النائب الذي يستقيل من حزبه أثناء انتدابه مقعده تلقائيا" لا يمكن أن تفسر لمصلحة توجه التعديل لإقرار ملكية الحزب للمقعد النيابي ،لأن ما أقرت هو حالة شغور قانوني إضافية من حالات الشغور المترتب تلقائيا لإعمال مقتضيات المادة 28 سالفة الذكر.
أما المادة 20/جديدة من القانون رقم 2018-031، بتاريخ 18 يوليو 2018، المعدل لبعض أحكام القانون رقم 2012- 024 الصادر بتاريخ 28 فبراير 2012، المعدل لبعض أحكام الأمر القانوني رقم 91-024 الصادر بتاريخ 29 يوليو 1991 المعدل، المتعلق بالأحزاب السياسية، التى ترتب مقتضياتها احتمال وجود نواب بدون أحزاب فهى تعضد تبعية المقعد النيابي للنائب:" يتم بقوة القانون حل كل حزب سياسي قدم مرشحين في اقتراعين بلديين اثنين وحصل على أقل من1% من الأصوات المعبر عنها في كل اقتراع. أو الذي لم يشارك في اقتراعين بلديين اثنين متواليين.
ويمكن أن يلتحق منتخبو الأحزاب التي تم حلها بأي حزب سياسي ممثل في الجمعية الوطنية، على أن لا يؤثر ذلك على نتائج الحزب المذكور "
لكل ذلك، فكل حديث خلفيته الربط بين القرار 2022/ 001 بتاريخ 26/05/2022 والنقاش حول ملكية المقعد النيابي هو نوع من المساومة على جلد أسد لما يقتل بعد.