ألا يجب البحث عن أسباب فشل الدول الأفريقية في تحقيق النمو على غرار القارات الأخرى في الأصول الاثنية لقادتها الذين هم في أغلبهم منحدرين من أصحاب الحظوة في فترة ما قبل الاستعمار ؟
أن الامتيازات اللا مستحقة السابقة للدولة الحديثة و الرغبة في المحافظة عليها بأي ثمن هي أسباب فشل نمو قارتنا .
فالمنحدرين من الأسر المميزة قبل الاستعمار و الذين نافح أجدادهم ضد الاستعمار فقد لنفس الأسباب ، فهم الذين أصلحوا ضدة الدولة الحديثة.
لأن الدولة الحديثة تنظر إلى كل المواطنين بنفس العين و ذلك لا يخدم مصالحهم الأنانية الضيقة .
في حين أنه في كل دول إفريقيا فإن هؤلاء المضادين للدول المعاصرة هم الذين يتربعون في السلطة .
فهم يرون الدولة عدوا لهم لا يمكنهم بأي حال أن يسمحوا لها بأن تقضي علي فوقيتهم.
إذا لكي تتطور إفريقيا فيجب أن يستبدل هؤلاء بأولائك الذين وجدت الدولة أصلا للدفاع عنهم المقصيين في المجتمع التقليدي .
الآن و بعد أن لم يعد وحدهم خريجي مدارس الأمراء هم الذين يحملون الشهادات في المدرسة الحديثة .
فإنه لم يعد من مصلحة أبناء المحظوظين أن تنموا الدول الحديثة اللهم إلا اذا كانوا هم أنفسهم قابلين للإنتاج و هو ما لم تظهر معالمه حتى الساعة عندنا في موريتانيا الوضع أسوأ؛ فإن المدرسة الجمهورية الموروثة عن المستعمر قد أُفسدت لنفس الأسباب لصالح المحاظر الحاضنة لنفس الأفكار المضادة للدولة.
هذه المحظرة على الرغم من أنها ضد المدرسة الحديثة فقد سارت على نهجها التعليمي و أصبح خريجوا المحاظر يتربعون على رأس معظم المؤسسات المعاصرة .
كذلك فإن جزء كبيرا من شباب الوطن محروم من التعليم العصري و لا يدرسون إلا في المحاظر رغم أن برنامجها محدود جدا يحرمهم من الاستفادة من التعليم العلمي و تطوير الأذهان مما يمنعهم من المساهمة في بناء البلد و تطوير التفكير و تخريج باحثين قادرين على التوصل لاكتشافات علمية.
لأن هذا هو ما يريده المشايخ التقليدين الضامنين لاستدامة النظام العسكري الذي يعطيهم كل الامتيازات بما فيها التعيينات .
فهذه المحظرة تحصل على امتيازات تتجاوز المساجد التي سبقتها أصلا .
فكل تمويلات وزارة الشؤون الدينية تذهب إلى المحاظر و ليس المساجد كل ذلك لكي تتواصل حضارة الصحراء بما فيها من عيوب القبلية و الاستعباد و غياب الدولة و لكي لا تكون الديمقراطية إلا وهم .