قلق في طرابلس عقب اختفاء شبان وأنباء عن التحاقهم بـ"الدولة"

ثلاثاء, 25/01/2022 - 12:02

يسود قلق كبير بين الأهالي في مدينة طرابلس اللبنانية، شمال لبنان، عقب أخبار متداولة عن اختفاء عشرات الشباب من المدينة في ظروف غامضة قلقا لدى الأهالي، وسط أنباء عن توجههم نحو العراق للالتحاق بتنظيم "الدولة".

وزير الداخلية اللبناني بسام المولوي، أكد عبر مقابلة متلفزة في 13 يناير/ كانون الثاني الجاري، معلومات صحفية متداولة عن مغادرة 37 شابا طرابلس للالتحاق بـ"الدولة" في سوريا والعراق.

 

وتعد طرابلس العاصمة الثانية للبنان، وهي المدينة الأكثر فقرا على ساحل البحر المتوسط، وفق تقديرات البنك الدولي عام 2017.

وتبلغ مساحتها حوالي 15 كلم، وعدد سكانها نحو 500 ألف نسمة، يعيش معظمهم أوضاعا بالغة السوء بمعدل دخل يومي لا يتجاوز الدولارين للفرد.

أم علاء، وهي ستينية، قالت إن ولدها عمر (30 عاما) اختفى قبل يوم من ليلة رأس السنة 2022، حيث استيقظت صباحا ولم تجده في فراشه، فاتصلت به عدة مرات، ولكن هاتفه مقفل، فسألت عنه أصدقاءه، ربما يكون برفقتهم، دون جدوى.

وتابعت: "عندما لم نجده بأي مكان توقعنا وجوده لدى المخابرات اللبنانية.. تواصلنا معهم في اليوم التالي لاختفائه وسألنا عن ما إذا كان موجودا، فنفوا الأمر وأبلغوا (بأنه) ربما يكون قد ذهب مع عدة شباب من الذين يهاجرون عبر البحر".

 

وأردفت: "لا أعرف إلى أين ذهب.. أريد من يساعدني لإيجاده، ولكن بعد عدة أيام تلقيت اتصالا وحيدا منه عبر الهاتف من رقم غريب، وسألني عن صحتي وقال لي إنه بصحة جيدة".

 

وذكرت الأم أن "عمر حُكم 5 سنوات بالسجن بتهمة الإرهاب وخرج، ومن حينه والأجهزة الأمنية لم تتركه، إذ كانت تستدعيه عند أي مشكلة صغيرة تحدث.. ابني لا يحق له العمل بسبب الحكم عليه.. مجرد من حقوقه المدنية".

ضغوط أمنية

ووفق مدير مركز حقوق السجين في طرابلس، المحامي محمد الصبلوح، فإن أكثر من أربعين شابا لبنانيا صغيري السن وفقيرين انتقلوا في الأشهر القليلة الماضية إلى العراق.

ورأى، أن ما يجري في طرابلس مرتبط بـ"غرفة سوداء" لديها أزمة مع المدينة، على حد تعبيره من دون تفسير.

 

وتساءل عن كيفية "هروب عشرات الشباب إلى العراق ودخولهم سوريا عبر معابر غير نظامية، ومنها يعبرون مدنا سورية تسيطر عليها أنظمة تدعي محاربة الإرهاب، ومن ثم الوصول إلى العراق، دون أن تشعر الأجهزة الأمنية بهذه التحركات وترصدها؟".

واعتبر الصبلوح أن "الفقر والعوز والبطالة هي أسباب مهمة لما يجري، لكن الأهم هو الإهمال الممنهج بحق المدينة، ومن ثم التعامل الأمني المفرط مع شباب ورجال متهمين بالإرهاب".

ومنذ عامين، يعاني لبنان أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه، مع انهيار عملته الليرة، وشح في الأدوية والوقود وسلع أساسية أخرى، بجانب هبوط حاد في قدرة مواطنيه الشرائية.

وأردف الصبلوح بأن من أبرز الأسباب أيضا "الضغوط التي يتعرضون لها من الجهات الأمنية واستدعاؤهم المتكرر إلى الأمن للتحقيق وخوفهم من فبركة تهم لهم".

ورأى أن "الأجهزة الأمنية اللبنانية أمام اختبار، وهو أن تكشف من هم خلف الغرف السوداء التي تكيد المكائد لطرابلس وشبابها، خاصة أن بعض الشباب ليس لديهم التزام ديني ومعظمهم ليسوا متطرفين".

وأفاد بأنه لدى وصولهم إلى العراق، تواصل بعض الشباب مع عائلاتهم مرة أو مرتين من أرقام هواتف دولية غير واضحة.

واستطرد: شاب منهم قال: "أنا في العراق وأريد العودة إلى بلدي ولكن لا أعرف كيف.. وكشف لأمه أنه تلقى اتصالا هدده بفتح ملفه وإعادة أخذه إلى التحقيق، لذلك هرب".

خدمة لمشروع محدد

أما الشيخ نبيل رحيم، وهو أحد المطلعين على قضية اختفاء الشباب والتواصل مع الأجهزة الأمنية، فقال: "معلوماتي أنه حتى اليوم هناك 33 شابا من طرابلس، أعمارهم بين 15 و22، اختفوا من المدينة، وبعضهم من المؤكد أنهم وصلوا إلى العراق وتواصلوا مع أهاليهم، واثنان قتلا وآخرون مقطوعة أخبارهم".

وتابع رحيم: "هؤلاء الشباب يتلقون الأفكار المتطرفة عبر الإنترنت، حيث يتم تجنيدهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتواصل بينهم يتم عبر لعبة ببجي الشهيرة".

 

 

واعتبر أن "الفراغ العلمي والعقلي وراء تبينهم هذه الأفكار المتطرفة، فليس لديهم فهم صحيح للدين، ما يجعلهم يلتحقون بهذه الجماعات المتطرفة صاحبة الكثير من الكوارث والمصائب في بلاد المسلمين".

وأردف أن "الأزمة الاقتصادية والفقر والبطالة، التي يعاني منها الكثير من شباب المدينة، بين العوامل التي دفعت بعضهم للالتحاق بهذه الجماعات المتطرفة".

"شيطنة" طرابلس

اعتبر صهيب جوهر، الكاتب الصحفي من طرابلس، أن "هناك أطرافا سياسية، تستغل سياسيا هذه الأخبار لإعادة فزاعة داعش الارهابي لتأجيل الانتخابات البرلمانية، في أيار/ مايو القادم، بعد تراجع شعبيتهم وتوقعه خسارة الأكثرية البرلمانية مع خلفائه".

وأضاف جوهر أن "حزب الله وحلفاءه يريدون شيطنة طرابلس وإظهارها على أنها مدينة راعية للإرهاب وخارجة عن القانون".

ولم يتسن على الفور الحصول على تعقيب من "حزب الله" بشأن اتهامه بمحاولة تشويه صورة طرابلس.