نواكشوط الثعبان !
نُشرت صورة جوية لأحد أحياء الصفيح في نواكشوط، فاكتشف موريتانيو الفيسبوك أن مدينتهم الأثيرة، مهددة بالتصحر وزحف الرمال.
أوووه يا للهول.. سيبتلع الرمل كل ما شيدناه لأكثر من ستة عقود؛ الكثير من الأسواق والشقق المفروشة ومحلات بيع الهواتف الصينية.
سيبتلعُ الرملُ كل قاعات الأفراح.. كل ورشات إصلاح السيارات. الكثير من محلات الرقية الشرعية، وكراسي باعة الرصيد.
كل ذلك سيبتلعه الرملُ الزاحف من بعيد ! ولكن.. هل للرمل القدرة على ابتلاع كل هذه الضوضاء ؟ لا أعتقد.. فنواكشوط تشكلت من تجمع قرى متجاورة، وحدات منفصلة ومتمايزة، ولكنها مرتبطة فيما بينها، ولديها قدرة عجيبة على التأقلم.
إنها تشبه كثيرا «قرية النمل»؛ كتلة من الفوضى المنتظمة ! سمعتُ مرة أحد الكتاب يصفها بـ «فريك من بتون»، أي أنها مخيم من الأسفلت المصفح.
إن هذه الفوضى العارمة، والتشويه البصري، هو سر قوة نواكشوط؛ فهي محاطة منذ تأسيسها بالأخطار، ومع ذلك تتمدد أسرع من كل مدن العالم. فلا مكان للمنطق في شوارع نواكشوط !
في الصورة المرفقة، تظهر نواكشوط قبل خمسة عقود؛ تبدو وكأنها حي صغير تستعد بحار من الرمل لابتلاعه، ولكن مع مرور الوقت حدث العكس، لقد ابتلع الحي الصغير كل الكثبان، وتحول إلى ثعبان ممتد نحو الأفق.
ذلك الثعبان الذي لا يتوقف عن النمو.. هو نواكشوط !
يتغذى الثعبان على أحلام الجميع بامتلاك أكبر قدر من القطع الأرضية، أكثر من حاجتهم ومن قدرتهم على البناء. ويتغذى على سياسات حكومية فاشلة، تستخدم الأرض في الحملات الانتخابية، فيفتخر الرؤساء بتوزيع قطع أرضية غير مجهزة، وبتخطيط أحياء ستبقى ميتة.
ومع ذلك يقولون إن نواكشوط مهددة بالغرق والتصحر، وينسون أن الخطر الأكبر كامن في الداخل، إنه غياب المنطق وتعطيل العقل.
الشيخ محم حرمه