قال الباحث الموريتاني د. يربان الحسين الخراشي إن "ما ظهر حتى الآن من تأثيرات تفشي الوباء على الغاز الموريتاني قد يكون ليس سوى قمة جبل الجليد، الذي يخفي وراءه ﻤﺘﻐﻴﺭﺍﺕ ﻭﻋﻭﺍﻤل ﺠﺩﻴﺩة باتت تلقي بظلالها على مستقبل حقل الغاز المشترك وغيره".
وعدد الباحث في مجال الصناعات الاستخراجية العوامل المؤثرة على مستقبل الغاز الموريتاني، وهي المنافسة الدولية، وتناقص إيرادات المشروع، وشبه انعدام المحتوى المحلي، والشراكة المهددة بين موريتانيا وأبرز شركة في هذا المشروع.
وعن المؤثر الأول، قال الدكتور يربان الحسين الخراشي إن "عالم ما بعد كورونا يشهد اشتعال منافسة شرسة بين دول إنتاج الغاز المسال الكبيرة"، مستعرضا إعلان قطر عن استثمارات بحوالي 28 مليار دولارمن أجل زيادة إنتاجها إلى 126 مليون طن في أفق 2027، وتوقيعها اتفاقيات بقيمة 19 مليار دولار لشراء 100 ناقلة للغازالمسال، وكذا إعلان روسيا خطة للاستحواذ على حوالي 20% من السوق العالمي للغاز المسال في أفق 2035 عن طريق إنتاج 140 مليون طن.
كما توقف الباحث في مقاله تحت عنوان: "الغاز الموريتاني بين طموحات الشعب وحسابات المستثمرين"، مع "ثورة في الغاز الصخري" في الولايات المتحدة الأمريكية، مردفا أن جل التوقعات تشير إلى أنه "سيكون رائدا في الأسواق خلال السنوات القليلة القادمة".
ورأى الباحث الموريتاني أن المؤثر الثاني عن تناقص الإيرادات، حيث "تشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن إجمالي الإيرادات المتوقعة من مشروع أحمييم للغاز تبلغ حوالي 80 مليار دولار حصة موريتانيا منها 14 مليار دولار على مدى مراحله الثلاثة، ولمدة 30 عاما، وعند متوسط سعر برميل النفط 60 دولارا، وقد ترتفع إلى 25 مليار دولار في حالة وصول متوسط سعر برميل النفط إلى 90 دولارا".
وأكد الباحث أن المشروع يواجه اليوم تراجعا في الإيرادات المتوقعة أعلاه نتيجة لعدة عوامل على رأسها حرب الأسعار التي تقودها قطر دفاعا عن مكانتها وأسواقها، مما سيؤدي إلى زيادة في المعروض يضغط على الأسعار، هذا بالإضافة إلى زيادة تكاليف تطوير المرحلة الأولى، حيث كان الحديث في بداية المشروع عن أن تكاليف المرحلة تصل إلى 3.6 مليار دولار، أما اليوم فقد بدأت التقارير تتحدث عن تكلفة تصل إلى 4.8 مليار دولار.
وأردف الباحث في مجال الصناعات الاستجراتية أن هذا قد يكون هو السبب وراء حديث Africa Energy Intelligence عن أن فرصة تحقيق أرباح من المرحلة الأولى للمشروع تكاد تكون معدومة، كما أن التأخير الحاصل في اتخاذ قرار الاستثمار النهائي للمرحة الثانية، وتعليق المرحلة الثالثة من المشروع، وذلك حسب التقرير العالمي للغاز الطبيعي المسال 2021 الصادر عن الاتحاد الدولي للغاز، مما يعني أن حجم الإنتاج لن يصل إلى 10 ملايين طن على الأقل في أفق 2027 كما كان مخططا له.
وعن شبه انعدام المحتوى المحلي، قال الباحث يربان الحسين إن المحتوى المحلي يعني "إجمالي القيمة التي يضيفها أي مشروع استخراج للاقتصاد الوطني من خلال العناصر المحلية من عمالة، والسلع، والخدمات ونحوها"، معتبرا أن هذا "شبه معدوم على الأقل خلال المرحلة الجارية من المشروع المشترك".
ومثل الباحث لذلك بأنه يجري الآن إنشاء "ثلاث مكونات من أصل أربعة للمشروع خارج البلدين موريتانيا والسنغال، فحاليا جاري تصنيع المنصة العائمة للتخزين والتفريغ (FPSO) في الصين بعد تصميمها في فرنسا، وجاري العمل على تحويل سفينة نقل غاز طبيعي مسال تقليدية عمرها أكثر من 40 سنة إلى المنصة العائمة للتسييل (FLNG) في سنغافورة، وكذلك تم تصنيع نظام خطوط التدفق والإنتاج في إندونيسيا، وبريطانيا، هذه المشاريع خلقت أكثر من 2800 فرصة عمل في الصين، وحوالي 2000 فرصة عمل في سنغافورة ليس من ضمنها فرصة عمل واحدة لموريتانيا أوالسنغال".
واعتبر الباحث الموريتاني أن هذا "يعني أن خيار المنصات العائمة هو خيار صفر فرصة عمل، وصفر استخدام موارد محلية للبلدين على الأقل في هذه المرحلة"، مردفا أن هذا يدفعه للاعتقاد بأن "هذا الخيار قد يكون اتخذ لأسباب أمنية وسياسية أكثر مما هي أسباب اقتصادية وفنية".
وتوقف الباحث مع العامل المؤثر الأخير، وهو أنه الشراكة المهددة بين موريتانيا وشركة "بي بي"، حيث رأى الباحث أنه "لم يعد سرا أن الحقل المشرك في واقعه الحالي يقع بين سندان توجيه بوصلة شركة "بي بي" نحو الطاقة المتجددة الخضراء، ومطرقة تداعيات فيروس كورونا، التي أدت إلى تكبد شركة "بي بي" خسارة ثقيلة خلال 2020 قدرت بحوالي 5.6 مليار دولار، والشركة اليوم ماضية في تنفيذ خطتها للانسحاب التدريجي من قطاع الطاقة الأحفورية في إفريقيا".
وأضاف أن الشركة "قررت التخلي عن جميع المناطق قيد الاستكشاف في كل من ساو تومي وبرينسيبي، وكوت ديفوار، وناميبيا، وغامبيا، ومدغشقر"، مردفا أن "ما يجذبنا أكثر إلى ما يدور خلف الكواليس، حيث تشير بعض التقارير إلى أن الشركة تسعى إلى بيع حوالي 30% من حصتها في الحقل، مما يطرح أكثر من سؤال حول أفق هذه الشراكة خاصة في ظل تزايد الحديث عن التفكير في تغيير نمط الإنتاج في المراحل اللاحقة من منصات عائمة إلى منصات ثابتة".
ورأى الباحث الموريتاني أن "مما يزيد الطين بلة أن المنطقة باتت تجذب انتباه القوى الدولية خاصة روسيا التي تسعى جاهدة للعودة إلى إفريقيا واستعادة نفوذها في الغرب الإفريقي، الذي ترى في حقوله الغازية تهديدا حقيقيا للحفاظ على هيمنتها على سوق الغاز الأوروبي".
ـــــــــــــــــــــــــــ
- لقراءة نص المقال، اضغطوا هنا، أو زوروا ركن آراء