ليس المغرب في منأى عن مشكلة التغيرات المناخية وتداعياتها على المستوى البيئي والاقتصادي والاجتماعي، وهو ما تظهره معطيات مناخية مرصودة على مستوى المملكة.
وفي إطار خطتها لمكافحة هذه المشكلة، اقتنت المديرية العامة للأرصاد الجوية (حكومية)، حاسوبا أطلقت عليه اسم "أمطار"، ويعد من أقوى الحواسيب وأكبرها على مستوى مراكز الأرصاد الجوية في أفريقيا.
وقد شرعت المديرية في تشغيل هذا الحاسوب العملاق، بعد عمليات اختبار ونقل للتطبيقات والمعطيات الرصدية امتدت منذ شهر أبريل الماضي.
قوة حسابية تتوقع ظواهر قصوى
يؤكد الحسين يوعابد، المسؤول عن التواصل في المديرية العامة للأرصاد الجوية، أن الحاسوب الجديد "يعتمد في توقع الظواهر الجوية القصوى والتوقعات المناخية إلى حد كبير على القوة الحسابية التي يجب توفيرها لتفعيل الابتكارات الناتجة عن البحث العلمي في النّمذجة العددية للطقس والمناخ".
"اختراق العقول".. الإنترنت مجرد وسيلة!
وأوضح يوعابد، في تصريحه لـ"موقع سكاي نيوز عربية"، أن "هذه القوة الحسابية تمكن من معالجة كميات كبيرة جدا من معطيات وملاحظات رصدية ونواتج أنظمة الرصد الجديدة عن طريق اعتماد تقنية البيانات الضخمة".
وتابع المسؤول عن التواصل بالمديرية العامة للأرصاد الجوية، أن "تفعيل الجهاز الآلي الجديد الذي اقتُني بمساهمة من صندوق مكافحة آثار الكوارث الطبيعية، يشكل تحديا رئيسيا بالنسبة للمديرية العامة للأرصاد الجوية، باعتبارها مركزا مرجعيا وطنيا في المجال ومركزا دوليا للنظم المعلوماتية التابع للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية".
ويراهن المغرب من خلال الجهاز المعلوماتي الجديد، خصوصا في دراسة التغيرات المناخية، على "تحسين التنبؤ بظواهر الأرصاد الجوية القصوى الخطيرة، وتحسين الدقة الجغرافية عن طريق النزول إلى مستوى محلي أدق؛ وبالتالي تحديد المخاطر بشكل أفضل"، يقول الحسين يوعابد، المسؤول عن التواصل بالمديرية العامة للأرصاد الجوية.
وأضاف المتحدث نفسه، أن هذا الحاسوب سيمكن أيضا "من تشغيل نماذج مناخية عالية الدقة لدراسة التغيرات المناخية بالمغرب وتقديم معلومات أدق حول آثارها على مختلف الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية".
وسيتيح حاسوب أمطار على مستوى مكافحة مشكل التغير المناخي، ولأول مرة، "تشغيل نماذج جديدة لإنتاج تنبؤات مجموعاتية أو تنبؤات احتمالية ووضع عدة سيناريوهات مع معدل احتمال وقوعها وكذلك أوجه عدم اليقين أو الاختلافات"، وفق المسؤول عن التواصل بالمديرية العامة للأرصاد الجوية.
كما أبرز ذات المصدر، أن هذا الحاسوب سيمكن كذلك من "تشغيل نماذج مناخية عالية الدقة لدراسة التغيرات المناخية وتقديم معلومات أدق حول أثارها على مختلف الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية".
جهاز استراتيجي بتقنيات عالية
يرى سعيد شكري، الخبير في قضايا البيئة والتغيرات المناخية، أن "هذا الجهاز ذو جودة وتقنيات عالية، الغاية الكبرى منه هو رصد بعض الظواهر المناخية المتطرفة والتنبؤ بحدوثها والتي هي أصلا ضمن السيناريوهات المتوقعة".
وأكد الخبير في قضايا البيئة والتغيرات المناخية، في حديثه لـ"موقع سكاي نيوز عربية"، أنه "لا يمكن تفادي هذه الظواهر المناخية، لكن على الأقل سيتم التنبؤ بحدوثها في زمن يُمكّننا من اتخاذ الإجراءات الاحترازية خلال وقت كافٍ".
وبالتالي، كما يقول شكري، هو "نوع من الإنذار المُبكّر التي تعتمد على الدقة المطلوبة دون حدوث خسائر في الأرواح والجوانب المادية".
من جانبه، اعتبر محمد سعيد قروق، أستاذ علم المناخ بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، أن "توفّر المغرب على هذا الجهاز العملاق جدا، سيمكنه من التوفر على معرفة خاصة وسيجعله في منأى عن مجموعة من المخاطر".
وذكر أستاذ علم المناخ، في اتصال بـ"موقع سكاي نيوز عربية"، على أن "التوفر على آليات وحواسيب وعقول الكترونية متطورة شيء استراتيجي جدا"، مشددا على أن "المناخ مجال للدراسات المستقبلية".
كما أوضح ذات المتحدث، أن "المناخ مجال مُتحكِّم في الأوساط والحياة القائمة، ما يستدعي التنبؤ بالمشاكل المرتبطة به لتجنبها لأنه ليست هناك قدرة على إيقاف الظواهر الطبيعية".
على مستوى آخر، نبه محمد سعيد قروق، أستاذ علم المناخ بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، إلى أن "للمغرب جغرافية خاصة، ولها دور كبير في هيكلة المناخ المحلي وفي تشكيل الاضطرابات التي عاشتها المملكة، والتي من الممكن أن يشهدها في المستقبل كذلك".
وعلى هذا الأساس، فإن "أي نموذج تنبؤي مستقبلي يجب أن يدمج هذه المعطيات لكي نحصل على النتيجة المبتغاة"، يشدد أستاذ علم المناخ.
كما أشار المصدر نفسه، إلى أن "النظام الجوي لا يعترف بالحدود السياسية والإدارية، إذ أن دول الجوار والدول الأفريقية ستستفيد من هذه التكنولوجيا ومن هذا المكتسب المغربي".
كذلك، "سيمكن جهاز أمطار على الصعيد العالمي من تطوير تغطية شمولية لمنطقة شمال أفريقيا بشكل خاص، إضافة إلى أنه سيشكل امتدادا لمراكز البحث العالمية والتي تتطور في المغرب أيضا"، يقول محمد سعيد قروق، أستاذ علم المناخ بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء.