فخامة الرئيس
لدي سؤال لفخامتكم: بماذا ستنفعكم أو ستنفع بلدكم هذه اللافتات العريضة المكتوب عليها بمداد أسود مزور: "فلان يبذل جهودا غير مسبوقة في دعم رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني"، و"آل فلان يدعمون التوجه الحكيم للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني"، و"آل فلان ينظمون مسيرة هي الأكبر من نوعها في التاريخ لدعم فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني"... يا فخامة الرئيس هؤلاء كانوا جميعهم بلا استثناء مع الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز قبلك، كما كانوا مع من سبقه من الرؤساء قبله، هؤلاء يا فخامة الرئيس لا ولاء لهم، ولا انتماء لهم، ولا موقف لهم، إلا إلى جانب الحاكم الذي يعيثون في ظله في خيرات الجمهورية وثرواتها ومناصبها قربانا لهم ولأبنائهم وعشائرهم، هؤلاء يا فخامة الرئيس يكيلون لك المدح اليوم كما كالوه لمن سبقك وسيسلقونك بأسلحة حداد إذا غادرت منصبك غدا كما يسلقون من سبقك بها اليوم، فلا تهتم بهم فهم يا فخامة الرئيس ليسوا هم الشعب الموريتاني بل هم مصاصو دمائه وأكلة أموال شعبه..
كم حصلوا لك في الانتخابات التي فزت فيها ببضع وخمسين في المائة.. لا شك أنه لا يتجاوز عشرة ولا حتى خمسة في المائة مما حصلت عليه، ذلك لأن القبائل والوجهاء لم يعد لهم نفوذ في جمهورية أصبح نحو سبعين في المائة من سكانها شبابا تحت سن الثلاثين لا يعيرون السمع لشيخ ولا يصغون لمسؤول ولا يلتفتون إلى وجيه، وإنما يستمدون توجهاتهم من قناعاتهم الشخصية التي تتقاطع في أغلبها مع الانتقادات التي تتصاعد ونجد صداها كل يوم في الفيسبوك وغيره من وسائل التواصل الاجتماعي، أو يستمدونها من التوجهات النضالية العرقية أو الحركية، حيث لا يسمع اليوم أي صوت نضالي معارض خارج هذين الصوتين..
فخامة الرئيس
كنت وددت لو رفضتم استقبال طوابير المسؤولين الذين جاؤوا من العاصمة ليجددوا لشخصكم الكريم الولاء وأمرتم بعودتهم إلى انواكشوط خاسئين ليعرفوا أنكم إنما عينتموه للولاء للوطن لا غير..
وكنت وددت لو رفضتم استقبال الوجهاء الذين لا مكان لهم في قاموس الدول المدنية وبقيتم أنتم وحدكم ومواطنو تمبدغه وحدهم والمنمون وحدهم، وحرمتم التعاطي السياسي مع القبائل وأحللتم النقابات والاتحادات الطلابية والأحزاب السياسية محل التعاطي مع القبائل والوجهاء.. فحينها يا فخامة الرئيس سترون واقع موريتانيا على حقيقته لا كما تصوره لكم التقارير ويقدمه لكم المعاونون الذين يرسمون لكم دائما وأبدًا كما كانوا يفعلون لمن قبلكم صورة وردية عن الواقع.. والحال يا فخامة الرئيس أن الوضع رغم قرب انصرام سنتين من مأموريتكم أصبح في غاية الصعوبة: أسعار لا تطاق، وآفاق إصلاح متعثرة، وبطء شديد في وتيرة الإنجاز الفعلي، وضعف واضح لا يمكن التستر عليه لأغلب الوزراء الحالين.. وكبار المسؤولين..
فخامة الرئيس
إما أن تتداركوا الأمر فهو لم يعد يتحمل التأخير وتتولوا مباشرة رد البلد إلى الجادة، وإما أن تدركوا أن مآل السياسات الحالية لهذه الحكومة التي أوكلتم إليها أمر بلدكم لن يكون أحسن من سابقاتها.. الأمر يا فخامة الرئيس يحتاج إلى رؤية استيراتيجية مختلفة ومسار سياسي واقتصادي واجتماعي مختلف، والوقت يمر...
الحسين بن محنض