رئيس محكمة الحسابات يكتب عن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد

ثلاثاء, 02/03/2021 - 19:52

تشكل اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي صودق عليها بتاريخ 9 ديسمبر 2003 بمدينة ميريدا بالمكسيك، الوثيقة القانونية الدولية التي تتناول موضوع الفساد بهذا الشكل المتكامل والشامل، ويعد دخول هذه الاتفاقية حيز التنفيذ خطوة هامة في مجال التشريع المضاد للفساد، كما تعتبر حتى الآن أهم وثيقة قانونية توصل إليها العالم الحديث في الموضوع، حيث تم إنجازها بصورة توافقية بعد جهود مكثفة ومفاوضات حثيثة شاركت فيها حوالي 128 دولة، ومجموعة كبيرة من وكالات الأمم المتحدة، ومنظمات حكومية دولية، ومنظمات غير حكومية.

وتتضمن هذه الاتفاقية أحكامصا متعددة تمثل في مجملها تطورا نوعيا هاما سواء على صعيد وسائل وأدوات المكافحة أو على صعيد المفاهيم والآليات التي استحدثت خصيصا للإحاطة بظاهرة تتخطى حدود الدول وتتجاوز آليات المكافحة التقليدية لا سيما في الجانب المتعلق بنقل وتهريب الأموال المحصلة من جرائم الفساد، إذ تتضمن إطارا شاملا وأساسا واضحا للتنسيق بين الدول في مواجهة كافة جرائم الفساج وتسليم المجرمين.

ويعاني عدد من دولنا العربية من ظاهرة الفساد العالمية بأنواعها المتعددة رغم كل ما يبذل في سبيل التوعية بمخاطره وفي سبيل محاربته.

ولأن ظاهرة الفساد تتجاوز حدود الدول فقد كان من الصعب القضاء عليها من طرف أي دولة منفردة، مما جعل الحاجة ماسة للتعاون الدولي، والذي يعتبر من أبرز وسائله وأنجع سبله إبرام الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، لعل من أهمكها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لسنة 2003، كونها أحد وأشمل اتفاقية دولية تعنى بهذه الظاهرة، وهو ما يستلزم دراستها والتعرف عليها وعلى مدى تواؤمها مع القوانين والتشريعات الوطنية لمختلف بلداننا خاصة منها تلك المتعلقة بأنشطة واختصاصات أجهزتنا العليا للرقابة.

وهذا ما يستدعي توجه اهتمامنا على مستوى المنظمة العربية العليا للرقابة وإلى دراسة وتحليل هذه الاتفاقية من أجل الاستفادة منها في سبيل تطوير وإثراء الإطار التشريعي والرقابي المتعلق بالجهود التي تبذلها أجهزتنا الرقابية في سبيل مكافحة ظاهرة الفساد الهدامة والمعيقة لمختلف جوانب التنمية لا سيما في ظل الظرفية الحالية التي تعاني فيها مختلف بلداننا العربية من التحديات والمعوقات التي يفرضها تفشي جائحة كوفيد-19 والتي نسأل الله العلي القدير أن يحفظ كافة بلداننا منها.

سيدنا عالي ولد سيدي ولد الجيلاني / رئيس محكمة الحسابات بالجمهورية الإسلامية الموريتانية

افتتاحية للعدد الأخير من مجلة «الرقابة المالية» الصادرة عن المنظمة العربية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة