أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في خطاب، مساء الخميس، أنه قرر حل البرلمان والدعوة لانتخابات تشريعية مبكرة، مشيرا إلى أنه سيجري في غضون 48 ساعة تعديلا حكوميا وأنه أصدر عفوا عن حوالي 60 معتقلا من ناشطي الحراك.
وقال تبون في الخطاب الذي بث مباشرة على الهواء «لقد قررت أن نحل مجلس الشعب الوطني (البرلمان) وأن نذهب إلى انتخابات ستكون خالية من المال، سواء الفاسد أو غير الفاسد، وتفتح أبوابها للشباب».
الخطاب الذي ألقاه تبون بالتزامن مع ذكرى عيد الشهيد، هو أول خطاب رسمي له منذ عودته من رحلة علاجية في ألمانيا، بعد إصابته بفيروس «كورونا» المستجد،
وقال تبون إن الانتخابات المقبلة «ستنهي عهد التزوير»، إذ ستشرف عليها الهيئة المستقلة للانتخابات «بدون أي تدخل حتى من رئيس البلاد»، معلنا رغبته في «إنهاء أي شك في المؤسسات المنتخبة».
ودعا في السياق ذاته الشباب إلى خوض غمار الانتخابات، مشيراً إلى أنه بموجب الدستور الجديد سيقدم الدعم المالي والمعنوي للشباب.
وتعد هذه ثاني مرة في تاريخ الجزائر يتم حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات تشريعية سابقة لأوانها، بعد قرار حل البرلمان يناير 1992، غداة استقالة الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد، واتخذ الجيش الجزائري آنذاك خطوات سريعة، بعد أن سيطرت «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» على مقاعد البرلمان والمجالس المحلية.
حل الجيش آنذاك البرلمان وعلق العمل بالدستور وشكل «مجلس أعلى للدولة» أوكلت له مهمة تسيير البلاد لمرحلة انتقالية دامت عامين، تخللها انفلات أمني واغتيال رئيس المجلس محمد بوضياف في يونيو 1992، لتدخل البلاد في موجة من العنف عرفت بعد ذلك بـ «العشرية السوداء».
ولكن تبون بعد حله للبرلمان يسعى إلى تهدئة وتطبيع الأجواء السياسية في البلاد، بعد الحراك الشعبي الذي دفع الجيش للإطاحة بالرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة وتنظيم انتخابات أسفرت عن فوز عبد المجيد تبون، ولكن ذلك لم ينهي الحراك الشعبي الرافض لهيمنة المؤسسة العسكرية على الحكم.
ومن المنتظر أن تجري الانتخابات التشريعية المقبلة وفق قانون انتخابي جديد، يتضمن العودة إلى الاقتراع النسبي وإلغاء رأس القائمة، وتشديد الرقابة على مصادر تمويل الحملات الانتخابية، وإشراف السلطة المستقلة للمرة الأولى على ملفات الترشح وكل العملية الانتخابية.
وفي انتظار هذه الانتخابات السابقة لأوانها، أعلن تبون أنه ينوي إجراء تعديل حكومي في غضون يومين بعد الانتقادات التي وجهت لها، وقال: «في غضون 48 ساعة كحد أقصى سيكون هناك تعديل حكومي، سأعلن عنه غدا أو بعد غد، يشمل القطاعات التي يشعر المواطنون، ونحن أيضا، أن هناك نقصا في تأديتها».
كما أصدر عفوا رئاسيًا عن نحو 55 إلى 60 من معتقلي الحراك، بينهم 30 شخصًا صدرت في حقهم أحكام نهائية، ويأتي هذا العفو عشية الاحتفال بالذكرى الثانية للحراك الشعبي، ليكون خطوة نحو التهدئة، مشيرًا في خطابه إلى أن التغيير الذي طالب به الحراك الشعبي تم إقراره في الدستور الجديد، متعهدًا بقرارات أخرى تدخل في السياق ذاته.
وأعلن الرئيس الجزائري تنصيب «المرصد الوطني للمجتمع المدني» و«المجلس الأعلى للشباب» و«محكمة دستورية» بصلاحيات إضافية وفق الدستور الجديد.
ولكن تبون في خطابه وجه انتقادات لاذعة إلى أطراف داخلية لم يكشف عنها، اتهمها بأنها متورطة في «بيع وشراء الجزائر بثمن بخس»، وأضاف أن هذه الأطرف الداخلية «لم نسمع لهم حسًا عندما كان المال الجزائري يذهب خارج البلاد وفي الفساد».
وتجري في الجزائر منذ عدة أشهر، محاكمات لعدد من رموز حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، من ضمنهم مقربون منه عائليًا، بعد أن وجهت لهم تهم فساد.