تُطرح أسئلة كثيرة حول السياسة الخارجية التي سيعتمد الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، وهل سيغير الديمقراطيون المنهج الدبلوماسي الذي كان معتمداً لدى سلفهم الجمهوري دونالد ترامب، ويطرح الموريتانيون أسئلة أخرى تتعلق بمصالح بلدهم في ظل عهد «بايدن».
لقد اهتم الموريتانيون بهذه الانتخابات، على غرار بقية العالم، وكان المهاجرون الموريتانيون منخرطون باهتمام كبير في النقاش، وكان أغلبهم من داعمي المرشح الديمقراطي، ويقدمون في ذلك حججاً بعضها قائم على مصالحهم كمهاجرين، ولكن بعضهم يعتقد أنه سيكون أفضل لمصالح موريتانيا.
بايدن الذي سبق أن تولى منصب نائب الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، لم تُعرف له مواقف علنية من موريتانيا، سواء في مجال حقوق الإنسان أو الشأنين السياسي والاقتصادي، ولكن عند إلقاء نظرة على فريق حملته الانتخابية تظهر أسماء لديها ارتباط بموريتانيا وأفريقيا والمغرب العربي.
لعل من أبرز هذه الأسماء الدبلوماسي المخضرم نيكولاس بورنس، الذي بدأ مساره المهني متدرباً في السفارة الأمريكية بنواكشوط عام 1980، ومن الراجح أنه بقي في نواكشوط لقرابة ثلاث سنوات، وفق مصادر أمريكية عديدة.
بورنس رفقة جو بايدن (وكالات)
بورنس، الذي شغل مناصب مهمة منذ حكم الرئيس جورج بوش الأب، يعد من الدائرة الضيقة التي تحيط بالرئيس الأمريكي الجديد، وأحد المقربين منه، بحكم تجربته الكبيرة في أروقة الدبلوماسية العالمية.
ويُطرح اسمه على أنه سيمسك بواحد من أهم الملفات خلال السنوات المقبلة، وترجح بعضُ المصادر الإعلامية الأمريكية أن يكون على الخارجية، على الرغم من أنه سبق أن عمل في البيت الأبيض مع جورج بوش الأب وبيل كلينتون خلال الفترة من 1990 وحتى 1995.
ولكنه في المقابل عمل في وزارة الخارجية تحت إدارة وارن كريستوفر ثم مادلن أولبرايت في الفترة من 95 وحتى 97، وكان سفيراً لدى حلف الناتو، وتولى ملف المفاوضات المعقدة في الملف النووي الهندي ثم الملف الإيراني.
يتحدث بورنس اللغة العربية، إذ أنه بعد أن بدأ مساره الدبلوماسي متدرباً في السفارة الأمريكية بنواكشوط، توجه إلى العاصمة المصرية القاهرة، حيث كان نائب القنصل الأمريكي، حتى عام 1985.
ليس بورنس وحده من يرتبط بموريتانيا وغرب أفريقيا، بل إن هنالك أسماء أخرى عديدة، منها أنتوني بلينكن الذي يوصف بأنه مستشار بايدن الخاص بالشؤون الدولية؛ وسبق لبلينكن أن أجرى عدة جولات في منطقة غرب أفريقيا والمغرب العربي، ويتحدث اللغة الفرنسية بطلاقة، فقد درس في الجامعات الفرنسية.
تشير الصحافة الأمريكية إلى أن بلينكن من السياسيين الأمريكيين الذين يدعمون بقوة الحضور الأمريكي في القارة الأفريقية، من خلال إقامة شراكات اقتصادية صلبة، وعدم ترك القارة للقوى الاقتصادية الصاعدة.
سوزن رايس خلال جولة في غرب أفريقيا (وكالات)
هنالك أيضاً سوزن رايس، التي كانت مرشحة بقوة لأن تكون نائب الرئيس في هذه الانتخابات، قبل أن يحسم الأمر لصالح كامالا هاريس، وتعد رايس واحدة من الوجوه البارزة في الحزب الديمقراطي، إذ كانت مستشارة الأمن القومي للرئيس أوباما في الفترة من 2013 وحتى 2017.
ولكن الأهم في مسيرة رايس هو أنها كانت مساعدة وزير الخارجية للشؤون الأفريقية في الفترة من 1997 وحتى 2001، وسبق أن عملت على العديد من الأزمات الأفريقية، وخاصة في الكونغو والسيراليون، والحرب الأثيوبية – الأريترية.
وكانت سوزان رايس أول سيدة من أصل أفريقي تمثل الولايات المتحدة في الأمم المتحدة عام 2009، ولعبت دوراً مهماً في اعتماد مجلس الأمن الدولي لقرار يسمح بتدخل عسكري دولي في ليبيا، للإطاحة بنظام العقيد الليبي الراحل معمر القذافي.
أسماء أخرى عديدة في الدائرة الضيقة للرئيس الأمريكي المنتخب، لها معرفة بالقارة الأفريقية، فهل يساهم ذلك في تغيير السياسات الأمريكية تجاه القارة السمراء، أم أن الملفات الدولية الكبرى ستخطف اهتمام الإدارة الجديدة.
المؤكد هو أن الحضور القوي والمتزايد للشركات الأمريكية في موريتانيا، وخاصة في قطاع الطاقة، من شأنه أن يساهم في تعزيز مستوى العلاقات بين البلدين، هذا بالإضافة إلى التعاون في مجال الأمن، في ظل الصعود القوى للجماعات المسلحة في منطقة الساحل وتوسعها في غرب أفريقيا.
صحراء ميديا