لوموند: هكذا أمرت باريس أجهزتها الأمنية باغتيال مواطنين فرنسيين وخططت لقتل عبد الناصر وبن بلة

أحد, 27/09/2020 - 16:18

قالت صحيفة لوموند الفرنسية (Le Monde) إنها اطلعت على وثائق تكشف عن خطط للقضاء على شخصيات فرنسية وأوروبية وأجنبية أثناء الحرب على الجزائر.

وذكرت الصحيفة -في بداية تقريرها عن هذه المسألة- أن الديمقراطية الفرنسية إذا كانت قد منحت نفسها بشكل سري الحق في اللجوء إلى الاغتيالات الموجهة ضد الأعداء الأجانب، كما اعترف بذلك الرئيس الفرنسي الأسبق فرانسوا هولاند، فإن فرنسا أحجمت نظريا على الأقل عن قتل مواطنيها، وهو ما كانت السلطات الفرنسية السياسية والاستخباراتية تروج له، وإن بشكل غير رسمي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وفقا للصحيفة.

غير أن لوموند لفتت إلى أن كتابا جديدا بعنوان "قتلة الجمهورية" للمحقق الصحفي الفرنسي فينسان نوزيل فنّد تلك المزاعم؛ إذ كشف -انطلاقا من وثائق شخصية لجاك فوكار، الذي كان مسؤولا عن مراقبة الأجهزة السرية والشؤون الأفريقية في عهد الزعيم الفرنسي الراحل الجنرال شارل ديغول- عن خطط للقضاء على فرنسيين وأوروبيين، بل وحتى شخصيات أخرى أجنبية مرموقة.

تدبير عمليات

ووفقا لهذه الوثائق الجديدة، فإن فوكار نسق في صيف عام 1958 -وبأوامر من ديغول- برنامج عمليات سرية على خلفية الصراع في الجزائر، ومن الوسائل المستخدمة في ذلك التهديدات والاعتداءات والتخريب، وكذلك الاغتيالات، وأوكلت مهمة تنفيذ ذلك لجهاز الاستخبارات الفرنسي آنذاك.

وقدر قسطنطين ملنيك -الذي كان مستشار رئيس الوزراء الفرنسي ميشيل دوبري، وكان المسؤول عن شؤون المخابرات من 1959 إلى 1962- عدد الاغتيالات بـ140 في عام 1960 وحده، من دون تقديم مزيد من التفاصيل.

وفي إحدى تلك الوثائق ظهرت قائمة بأسماء 9 أشخاص كانت قد صدرت أوامر بالقضاء عليهم، ومن بينهم فرنسيون موالون لجبهة التحرير الجزائرية، ومهربو أسلحة إليها، ومن بينهم نمساوي وألماني وفرنسي مسلم.

وكتب فوكار تحت هذه القائمة أن هذه العملية تمت الموافقة عليها من قبل رئيس أركان الدفاع الوطني الملحق بالجنرال ديغول.

38 عملية

وفي وثيقة أخرى، سلط الضوء عليها مؤلف الكتاب المشار إليه، نجد جدولا يوضح جميع العمليات المنفذة من أول يناير/كانون الثاني 1956 حتى صيف عام 1958، بما في ذلك الاغتيالات والتخريب والهجمات.

اعلان

ويتضح من ذلك أنه من بين 38 نجحت 17 عملية، وأُلغيت 17 عملية، أحيانا "بأوامر عليا" أو بسبب "مخاطر غير محسوبة"، و4 عمليات تم تصنيفها على أنها "فاشلة".

ومن بين المهمات الملغاة -على وجه الخصوص- تلك التي خططت في يوليو/تموز 1956 لاغتيال زعيم جبهة التحرير الوطني أحمد بن بلة في القاهرة، "بسلاح كاتم للصوت في الشارع"، وذلك "بأمر حكومي"، لكن العملية ألغيت في اللحظة الأخيرة.

ويورد الكتاب أنه وفي ديسمبر/كانون الأول 1956 جرى التخطيط لعملية تستهدف الرئيس المصري آنذاك جمال عبد الناصر "بانفجار عن بعد"، وقامت فرقة كوماندوز من جهاز العمليات الفرنسية بمساعدة عملاء الموساد الإسرائيلي، بوضع 300 كيلوغرام من متفجرات "تي إن تي" (TNT) في إحدى الساحات بمدينة بورسعيد الساحلية، للتخلص من داعم قوي لجبهة التحرير الوطني الجزائرية، والذي كان قد أمم لتوه قناة السويس، متحديا بذلك الفرنسيين والبريطانيين، لكنه تم إلغاء هذه العملية كذلك "بأوامر عليا".

أضرار جانبية

كما تسببت -وفقا لوثائق فوكار- بعض هذه العمليات في أضرار جانبية، ففي أبريل/نيسان 1957 تسبب طرد مفخخ في "تدمير الهدف وعائلته" في مدينة مكناس بالمغرب، وفي يونيو/حزيران من العام نفسه تم استهداف ألماني، لكن والدته هي التي قضت في العملية.

وعلقت لوموند على هذه المعلومات بالقول إن هذه العناصر الجديدة توثق الانتهاكات الجسيمة المحتملة للقانون الفرنسي، من خلال اتخاذ قرار بالقضاء على مواطنين فرنسيين خارج أي إطار قانوني، لكنها أيضا تثير مسألة فعالية مثل هذه السياسة، على حد تعبير الصحيفة.

المصدر : لوموند