قبل 20 عاما، اندلعت شرارة الانتفاضة الفلسطينية الثانية، عقب اقتحام رئيس وزراء الاحتلال الأسبق "أرئيل شارون" المسجد الأقصى، رفقة قوات كبيرة من الجيش.
وتجول شارون آنذاك في ساحات الأقصى، وقال إنّ "الحرم القدسي" سيبقى منطقة إسرائيلية، ما أثار استفزاز الفلسطينيين، فاندلعت المواجهات بين المصلين والجنود الإسرائيليين، وسقط 7 قتلى، وجُرح 250 آخرون، كما وأُصيب 13 جنديا إسرائيليا.
وشهدت مدينة القدس مواجهات عنيفة، أسفرت عن إصابة العشرات، وسرعان ما امتدت إلى كافة المدن في الضفة الغربية وقطاع غزة، وسميت "انتفاضة الأقصى".
ويعدّ الطفل الفلسطيني "محمد الدرة" رمزا للانتفاضة الثانية، فبعد يومين من اقتحام المسجد الأقصى، أظهر شريط فيديو التقطه مراسل قناة تلفزيونية فرنسية، في 30 سبتمبر/ أيلول 2000، مشاهد إعدام حية للطفل الدرة (11 عاما)، الذي كان يحتمي إلى جوار أبيه ببرميل إسمنتي، في شارع صلاح الدين جنوب مدينة غزة.
وأثار إعدام الاحتلال للطفل الدرة مشاعر غضب الفلسطينيين في كل مكان، ما دفعهم للخروج في مظاهرات غاضبة، ووقوع مواجهات مع الجيش الإسرائيلي، أسفرت عن مقتل وإصابة العشرات منهم.
وتميزت الانتفاضة الفلسطينية الثانية، مقارنة بالانتفاضة الأولى، بكثرة المواجهات وتصاعد وتيرة الأعمال العسكرية بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال.
وبحسب أرقام فلسطينية وإسرائيلية رسمية، فقد أسفرت الانتفاضة الثانية عن استشهاد 4412 فلسطينيا و48322 جريحا، فيما قتل 1069 إسرائيليا وجرح 4500 آخرون.
وتعرضت مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة خلال انتفاضة الأقصى لاجتياحات عسكرية، وتدمير لآلاف المنازل والبيوت، وتجريف آلاف الدونمات الزراعية.
ومن أبرز أحداث الانتفاضة الثانية، كان اغتيال وزير السياحة في حكومة الاحتلال آنذاك (رحبعام زئيفي) على يد مقاومين من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
وعمل شارون على اغتيال أكبر عدد من قيادات الصف الأول في الأحزاب السياسية والعسكرية الفلسطينية، في محاولة لإخماد الانتفاضة الفلسطينية التي اندلعت عام 2000، ولإضعاف فصائل المقاومة وإرباكها، وفي مقدمتهم مؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين.
وشهدت الانتفاضة الثانية تطورا في أدوات المقاومة الفلسطينية، مقارنة بالانتفاضة الأولى، التي كان أبرز أدواتها "الحجارة" و"الزجاجات الحارقة".
وعملت فصائل المقاومة خلال الانتفاضة الثانية على توسعة أجنحتها العسكرية، وقامت كتائب القسام، الجناح المسلح لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، بتطوير سلاحها في الانتفاضة الثانية، وتمكنت من تصنيع "صواريخ" لضرب المستوطنات الإسرائيلية.
وكانت مستوطنة "سديروت" على موعد مع تلقي أول صاروخ فلسطيني محلي الصنع، أطلقته كتائب القسام، بعد عام من انطلاقة انتفاضة الأقصى (26 أكتوبر/ تشرين أول 2001)، لتطور بعد ذلك، وعلى نحو متسارع، من قدراتها في تصنيع الصواريخ، ووصولها إلى أكبر التجمعات الاستيطانية.
وتوقفت انتفاضة الأقصى في الثامن من شباط/ فبراير لعام 2005، بعد اتفاق هدنة بين الإسرائيليين والفلسطينيين في قمة "شرم الشيخ"، إلا أن مراقبين يرون أن الانتفاضة الثانية لم تنتهِ؛ لعدم توصل الفلسطينيين والإسرائيليين إلى أي حل سياسي، واستمرار المواجهات في مدن الضفة.
وكانت الانتفاضة الأولى أو "انتفاضة الحجارة"، كما يسميها الفلسطينيون، قد اندلعت يوم 8 كانون الأول/ ديسمبر 1987، في مخيم جباليا شمال قطاع غزة، ثمّ انتقلت إلى كل مدن وقرى ومخيّمات فلسطين.
ويعود سبب الشرارة الأولى للانتفاضة لقيام سائق شاحنة إسرائيلي بدهس مجموعة من العمّال الفلسطينيّين على حاجز بيت حانون "إيريز" شمال القطاع.
وهدأت الانتفاضة في العام 1991، وتوقفت نهائيا مع توقيع اتفاقية "أوسلو" بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993.