أعلنت الأمم المتحدة أنها تلقت عدة تقارير تفيد بوقوع أعمال نهب وتدمير للممتلكات في بلدتين، جنوبي العاصمة طرابلس، استردتهما قوات حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا.
وفي بيانٍ لها، أعربت الأمم المتحدة عن قلقها من التقارير التي أفادت باكتشاف عشرات الجثث في مشفى بترهونة، دون تحميل أي طرف المسؤولية.
وأضاف البيان: "تلقينا عدة تقارير عن نهب وتدمير ممتلكات عامة وخاصة في ترهونة والأصابعة والتي تبدو في بعض الحالات أفعال عقاب وانتقام تهدد بتآكل النسيج الاجتماعي الليبي".
وكانت حكومة الوفاق قد أعلنت، لدى دخولها مدينة ترهونة، العثور على 100 جثة مكدسة في مستشفى المدينة.
وبث نشطاء مقاطع مصورة على الإنترنت تظهر ما بدا أنه أعمال نهب لمتاجر، وتخريب ممتلكات، وإضرام نار في منازل تعود لعائلات على صلة بقوات حفتر وقدمت الدعم لها.
من جانبها حذرت حكومة الوفاق من أن جميع المتورطين في عمليات انتقام أو سلب سيواجهون بالعقاب.
وفي بيان لها، دعت وزارة الداخلية القوات العسكرية والأمنية في "المناطق المحررة" إلى السهر على حماية "أرواح المدنيين، وحفظ كرامتهم وأملاكهم"، مشددة على ضرورة "عدم الانجرار وراء الشائعات التي يروج لها العدو".
وقالت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، في بيان، إن أكثر من 16 ألف شخص شردوا في ترهونة وجنوبي طرابلس.
وتمكنت القوات الحكومية الليبية المدعومة من تركيا، الخميس، من استعادة السيطرة على مدينة ترهونة، وعدة مناطق أخرى في إطار عملية "بركان الغضب" التي أطلقتها لاستعادة المناطق التي كانت قوات شرق ليبيا، بقيادة القائد العسكري، خليفة حفتر، تسيطر عليها.
ويحظى حفتر بدعم من روسيا، والإمارات، ومصر. أما حكومة الوفاق الوطني، التي يرأسها فايز السراج، فتؤيدها تركيا وقطر.
وقبل أكثر من عام، شنت قوات شرق ليبيا حملة مسلحة للسيطرة على العاصمة طرابلس.
لكن الحملة باءت بالفشل، ونجحت قوات الحكومة المعترف بها دوليا، في السيطرة على مدينة ترهونة، آخر معاقل حفتر بغرب ليبيا، بعد تلقيها دعماً عسكرياً من تركيا.
ميدانيا، تواصل القوات الحكومية الليبية تقدماً بطيئاً نحو مدينة سرت الاستراتيجية، للوصول إلى شرق البلاد والمنشآت النفطية الرئيسية.
وتقع سرت على بعد 450 كيلومترا شرقي طرابلس، وكانت قوات حكومة الوفاق الوطني قد استعادت السيطرة عليها، عام 2016، قبل أن تسقط في أيدي قوات حفتر، في يناير/ كانون الثاني الماضي، دون معارك تذكر، بعدما أعلنت جماعة "سلفية" محلية تأييد حفتر، وهو ما اعتبرته حكومة الوفاق "خيانة".
ويؤكد عدد من المتابعين أن قوات حفتر خسرت تأييد الكثيرين في المدن التي سيطرت عليها بسبب الفشل الإداري والأمني.
في هذه الأثناء تقوم القوات الجوية التابعة لحكومة الوفاق بتمهيد الطريق أمام قواتها البرية، باستخدام مقاتلات وطائرات مسيرة حصلت عليها من تركيا.
في المقابل أكدت طرابلس أنها أسقطت عدة طائرات مسيرة إماراتية، من طراز وينغ لونغ صينية الصنع، خلال استهدافها مواقع قرب طرابلس أخرها يوم السبت.
وأفادت مصادر في حكومة الوفاق أن "القوات الجوية شنت ثلاث غارات في محيط المحطة الحرارية الواقعة على بعد 25 كيلومترا غربي سرت، ودمرت عربات مسلحة ومدرعات وقضت على عشرة من عناصر الميليشيات".
وفي حال واصلت قوات حكومة الوفاق تقدمها للسيطرة على منطقة الهلال النفطي، ستتمكن من تأمين عائدات نفطية تساهم في إنعاش الأوضاع الاقتصادية مستقبلا.
وكان حفتر قد منع الإنتاج في حقول المنطقة، منذ بداية العام الجاري، لممارسة ضغوط اقتصادية على حكومة الوفاق في طرابلس قبل تقدمه للسيطرة عليها عسكريا.
وأعلنت طرابلس إعادة تشغيل حقل الشرارة، جنوبي العاصمة، وهو أحد أكبر الحقول النفطية في البلاد، بعدما أوقفت قوات حفتر نشاطه منذ أشهر.
وكانت الهيئة النفطية الوطنية في ليبيا قد أعلنت تراجعا كبيرا في عائداتها، أبريل/ نيسان الماضي، بلغ 97 في المئة، مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي.
وطرحت مصر مبادرة لحل الأزمة في ليبيا، وذلك في أعقاب تحقيق الحكومة المعترف بها دوليا هناك انتصارات مهمة في مواجهتها مع قوات القائد العسكري خليفة حفتر.
وتشمل المبادرة، التي حملت اسم "إعلان القاهرة"، مقترحا بوقف لإطلاق النار يبدأ يوم الاثنين 8 يونيو/ حزيران. وترتكز المبادرة على نتائج قمة برلين، التي عقدت في يناير/ كانون الثاني الماضي، وانتهت بدعوة أطراف الصراع بالالتزام بحظر تصدير السلاح إلى ليبيا، والعمل على الوصول لتسوية سياسية.
كما تشمل المبادرة استكمال مسار أعمال اللجنة العسكرية (5+5) التي ترعاها الأمم المتحدة وتضم خمسة مسؤولين عسكريين من كل طرف من طرفي النزاع.
وتعيش ليبيا حالة من الفوضى منذ الإطاحة بالرئيس السابق، معمر القذافي، وقتله في عام 2011.