كنا قد تعودنا أن نطلق هذه الصرخة على أرض الواقع منذ سبع سنين خلت، ولكن المحزن هذه المرة هو أن لا نتمكن إلا من إطلاقها افتراضيا، إلا أن هذا في ظل الظروف الراهنة كما يعلم الجميع هو أقصى حدود المتاح والممكن.
في الإطلالة السابعة لذكرى مسيرة "ميثاق من أجل الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية للحراطين" يطرح بإلحاح ضمن سلسلة من الأسئلة سؤال الإصلاح العقاري، بوصفه سؤالا مركزيا في بلد ما زالت الأراضي فيه تُحتكر تحت مختلف المسميات، قبلية كانت أو جهوية أو طبقية، ولذلك تم اختيار شعار مسيرة الميثاق هذه السنة 2020 على الشكل التالي " الإصلاح العقاري ضمان المساواة والتنمية.
إن حرمان قطاع واسع من المواطنين الموريتانيين من هذا الحق يمثل ممارسة منافية للدستور، ويشكل خطرا بالغا على اللحمة الوطنية وعلى النسيج الاجتماعي، خاصة في ظل ما تتعرض له مكونة لحراطين من غبن وتهميش سياسيين، عمّقه اقع تاريخي من الظلم والاستعباد والاستبعاد عن الشأن العام وعن الكثير من الحقوق الطبيعية للبشر.
إننا في "ميثاق من أجل الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية للحراطين" لندعو بكل قوة إلى إصلاح عقاري جذري، ينصف من أفنوا أعمارهم، كما أفنى أجدادهم أعمارهم، في استصلاح الأرض وزراعتها، قبل أن تتدخل قوى تقليدية وبممالأة واضحة من الجهات الرسمية لسلبهم من أراضيهم، التي اشتراها إقطاعيون وتجار وشيوخ قبائل وضباط عسكريون، فقط من أجل تلبية رغبة عارمة في التملك، وليس قصد الاستثمار، بينما بقى المزارعون الحقيقيون مجرد يد عاملة رخيصة في أفضل الحالات.
إن تفاقم هذه الوضعية في مختلف جهات موريتانيا يفرض تدخلا عاجلا عبر مجموعة من الخطوات المحددة، ولا سيما في هذا الوقت المتسم بتداعيات جائحة كورونا، وما تفرضه من التفات إلى الجانب الزراعي، لذلك نعتقد أنه من المستعجل:
-التطبيق الصارم لقانون الإصلاح العقاري، والذي ما زال حبرا على ورق تقف دون تطبيقه كل القوى المستفيدة من غياب القانون كالعادة.
-على السلطات اتخاذ إجراءات عملية لتمييز إيجابي للطبقات المعروفة بممارسة الزراعة تقليديا، وتوزيع الأراضي عليها من أجل تشجيع نهضة زراعية شاملة في ظل التطورات المرتبطة بجائحة كورونا، والتي تفرض التفكير على المستوى المتوسط والبعيد في قضية الاكتفاء الذاتي في مجالات غذائية محددة.
- الدعم المادي عبر التمويل المباشر وعبر التأطير وتوفير الأخصائيين الزراعيين للمزارعين قصد تشجيع هذا القطاع، وتوفير فرص عمل للمنحدرين من الطبقات الهشة من مزارعين ومنمين.
- تنظيم أيام تشاورية بخصوص القطاع الفلاحي، وكيفية النهوض به، واعتماد استراتيجية وطنية شاملة مدروسة ومحددة الأهداف للسنوات الخمس المقبلة.
_ استرجاع كل الأراضي التي تم الاستيلاء عليها بطرق غير قانونية، وتلك غير المستثمرة، وتوزيعها على المزارعين.
ونحن إذ نقترح كل هذه الأجراء أعلاه، إنما نسعى إلى تجنيب البلد المزيد من المطبات وعيا منا بخطورة تفاقم الاختلالات الاقتصادية الكبيرة، ووعيا منا بأهمية عدالة اجتماعية وتقسيم عادل لخيرات وثروات هذا البلد في ضمان مستقبله، ونتوجه بهذه المطالب إلى السلطات الرسمية، والتي هي المسؤولة الوحيدة أمام الله وأمام التاريخ عن هذا الشعب ومصيره، وهي وحدها المخولة، عبر أجهزة الدولة، للقيام بهذه المهام وتحقيق العدالة بين مواطنيها، سبيلا إلى ديمومة الدولة وتماسكها واستمراريتها في ظل العدل والديموقراطية والتنمية والعدالة الاجتماعية.
إننا إذ نطلقها صرخة سابعة الإصلاح العقاري ضمان المساواة والتنمية نتمناها أن لا تكون في واد ولا نفخة في رماد.