قرر عدد من التونسيين وجمعيات للجالية في الخارج رفع دعاوى قضائية ضد مرشح الرئاسيات السابق عضو البرلمان الحالي الصافي سعيد الذي وصف التونسيين الحاملين لجنسيات مزدوجة بـ"اللقطاء" بعدما نعتهم سابقا بـ"التابعين للأجنبي وأنهم ليسوا وطنيين"، وهو ما اعتبره هؤلاء شتما وثلبا وتخوينا لهم ولعائلاتهم وأقاربهم وحطا من مكانتهم في بلدهم وفي المجتمعات التي يعيشون فيها.
ورأى أنور الغربي مستشار العلاقات الدولية للرئيس التونسي السابق الدكتور المنصف المرزوقي في حديث مع "عربي21"، أن "الخطير في حديث النائب الصافي سعيد، أنه هذه المرة كان تحت قبة البرلمان وفي جلسة عامة منقولة مباشرة ويتابعها ملايين التونسيين والعرب والأجانب، باعتبارها كانت مخصصة لمنح الثقة للحكومة".
واعتبر الغربي، أن "مسؤولية البرلمان والدولة في هذه الحال تصبح قائمة في عدم الرد والدفاع عن أبناء الوطن المقيمين بالخارج ولأغلبهم أوضاع مستقرة ويساهمون بفاعلية كبيرة في التعريف بالبلاد والترويج لها لجلب الاستثمار والتنمية ودعم المسار الديمقراطي".
وأضاف: "الغريب أن رئاسة البرلمان لم تعترض على تخوين جزء مهم من التونسيين ولم تعتذر لهم ولم يحتج أي نائب بما في ذلك نواب الخارج، بما يعني أن استمرار حملة استهداف شريحة من المجتمع وتخوينها والتأليب ضدها أصبح جائزا بالرغم من أن ذلك يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون التونسي والقانون الدولي، الذي يعتبر أن تعريض حياة شريحة من الناس للاستهداف والخطر هو ضد حقوق الإنسان والمواثيق الدولية التي أمضت عليها تونس، وهي جرائم كبرى يعاقب عليها القانون الدولي الإنساني".
وأكد الغربي "أن مواصلة التحريض ضد شريحة من التونسيين هم المصدر الأول للعملة في البلاد، فيه تعد على كرامة هؤلاء والتفرقة بين أبناء الوطن وتشجيعا للعنف ضدهم وازدرائهم، وفيه استهداف للدولة وضرب للاقتصاد ولمصدر الدخل الرئيسي للبلاد".
وأعرب الغربي عن أسفه لأن "هذا الاستهداف أصبح هو الشعارالشعبوي الرئيسي لدى السياسيين الذين ليس لديهم مشاريع وتصورات سياسية لإقناع الناس".
وقال: "بلا شك تبقى نعمة الحرية كبيرة ويجب صيانتها ودعمها، ولكن ليس على حساب كرامة الناس وأعراضهم، وكل البلدان التي تحترم إرادة شعوبها تشدد من القوانين التي تحمي كل الشرائح المجتمعية".
وأضاف: "يجب مواصلة الدفاع عن التنوع في تونس وبناء المواطنة الكاملة التي تحمي الحريات العامة للجميع وتقوي الدولة والمجتمع وتعزل الغلاة والمتنطعين وتجار القيم والمصابين بفيروز العمالة القاتل. كما أنه من واجب الوطن تكريم أبنائه وشرفائه ومناضليه وليس إهانتهم ومحاولة الحط من مكانتهم في المجتمع وفي بلدان إقامتهم".
وأوضح الغربي أن "التونسيين الذين رفعوا الشكوى سيثبتون للقضاء التونسي في مرحلة أولى والهيئات الدولية إذا اقتضت الحاجة الجرائم المرتكبة بحقهم كما أنهم سيثبتون للجميع دورهم في الثورة وفي تثبيت المسار وفي جلب الاستثمار ودعم استقلالية القرار الوطني ودعم مؤسسات الدولة في عدم الخضوع للابتزاز والمساومات ورفض كل ما يضر بمصالح البلاد العليا والأمن القومي".
وأضاف: "على الشعب أن يعرف الآن حقيقة كائنات لا تعيش وتنمو إلا في مستنقعات المزايدات الكلامية والميوعة السياسية والتبعية التي يسعون لرميها على كاهل التونسيين الحاملين لجنسيات ثانية بالإضافة لجنسيتهم التونسية"، على حد تعبيره.
وكان النائب في البرلمان التونسي الصافي سعيد قد وصف خلال جلسة منح الثقة لحكومة الحبيب الجملي المقترحة يوم الجمعة الماضي الوزراء من ذوي الجنسية المزدوجة بـ "اللقطاء"، ودعا إلى طردهم من مجلس النواب.
واعتبر أن خطاب رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي حشو في حشو، قائلا: "أعتبرُ هذه الحكومة ولدت ميتة، وأتيت هنا لا لأكون شاهد زور بل لأحضر مراسم دفن هذه الحكومة الميتة"، وفق تعبيره.