صوت مجلس النواب الكونغس الأمريكي الجمعة الماضية لصالح قرار يعبّر عن شعور الكونغرس بأن مسار حل الدولتين لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي هو وحده الذي يمكن أن يضمن بقاء إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية وتحقيق تطلعات الفلسطينيين لإقامة دولتهم.
جاء التصويت على قرار مجلس النواب رقم 326 إلى حد كبير على أسس حزبية ، حيث صوت 221 ديمقراطيا مقابل خمسة أصوات من الجمهوريين لصالح هذا الإجراء ؛ وصوت 183 جمهورياً وأربعة ديمقراطيين ضد القرار.
قال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات في حديث مع صحيفة "ميديا لاين" أن القرار يدعم حق الفلسطينيين المعترف به دوليا في حق تقرير المصير، ضد كل المحاولات في إبطاله.
وأضاف عريقات: "القرار 326 الذي أقره الكونغرس الأمريكي ، يشكل آخر ضربة لمحاولات إدارة ترامب لإضفاء الشرعية على المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية وتأييد ضم الأراضي المحتلة".
وكرر دعوته للمجتمع الدولي إلى تحمل المسؤولية ووقف الانتهاكات الصارخة للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، بما في ذلك التدمير المنهجي لاحتمالات التوصل إلى اتفاق تفاوضي لدولتين على حدود العام 1967.
وصرح المحلل السياسي وعضو المجلس الوطني الفلسطيني،بشار العزة، لـ "ميديا لاين": لأول مرة ، صوتت أغلبية مجلس النواب الأمريكي لصالح قرار يبدو لصالح الفلسطينيين".
وأضاف العزة "يدل التصويت على أن الأمريكيين يؤمنون بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ، ويشير إلى تحول في المجتمع الأمريكي لصالح الفلسطينيين".
أوضح أنه خلال السنوات القليلة الماضية، قام أكثر من 120 من أعضاء الكونغرس ، بالإضافة إلى موظفين في الكونغرس وطلاب جامعات وممثلين عن منظمات المجتمع المدني ، بزيارة الضفة الغربية ، وهذا نتيجة لجهود جماعية من جانب الفلسطينيين والأصدقاء الأمريكيين الذين يؤمنون بالسلام والكرامة والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني .
وصوت أعضاء الكونغرس الديمقراطيين ضد القرار، بمن فيهم عضوة الكونغرس المنحدرة من أصل فلسطيني، رشيدة طالب.
وأضاف العزة "يدرك الفلسطينيين والأمريكيين أهمية إقامة علاقات بين بعضهم البعض ، بصرف النظر عن الدور الأمريكي كوسطاء للسلام مع الإسرائيليين، نحن نعمل باستمرار مع شركائنا لإنشاء هذه العلاقة وتطويرها بين الشعبين".
واضاف قائلاً "ان التصويت على هذا القرار مهد الطريق، لكن الخطوة التالية الآن هي الاعتراف بفلسطين كدولة، لأن اعتراف الكونغرس بفلسطين سوف يدعم حل الدولتين الذي صوتت به غالبية اعضاء الكونغرس".
وقال علي الجرباوي ، أستاذ العلوم السياسية بجامعة بيرزيت ووزير التعليم العالي السابق ، لـ "ميديا لاين" إن النتائج تظهر أن التصويت كان على أسس حزبية: لقد صوت الحزب الديمقراطي بأغلبية ساحقة لصالح القرار ، وصوت الحزب الجمهوري بأغلبية ساحقة ضده . أربعة فقط من الديمقراطيين وخمسة جمهوريين صوتوا بطريقة مختلفة. وأشار ان هذا يدل على انقسام في مجلس النواب على أساس الحزب .
أوضح الجرباوي أن سياسة ترامب تتعارض مع المواقف الأمريكية التقليدية بشأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، إلى أن تولى دونالد ترامب منصبه، ويذكر ان جميع الرؤساء الأميركيين دعموا بشكل واضح حل الدولتين، غالبية أعضاء الكونغرس يعتقدون أن سياسة ترامب عديمة الفائدة ولن تؤدي إلى حل النزاع.
وأضاف أن هذا القرار غير الملزم لن يغير السياسة الخارجية الأمريكية التي يتخذها الرئيس إلا إذا فاز رئيس ديمقراطي في الانتخابات الأمريكية القادمة.
قال الناطق باسم حماس، عبد اللطيف القانوع ، في حديث مع "ميديا لاين" ان الحركة ترحب بأي جهد إقليمي أو دولي نحو تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني ضمن القواعد والقوانين الدولية، ومع ذلك، فإننا لا نزال تحت الاحتلال الإسرائيلي ولنا الحق الكامل، وفقًا للقرارات الدولية ، في إنشاء دولتنا ".
وقال آرسين أوستروفسكي، محامي ومحلل سياسي مقيم في إسرائيل "كان التصويت بمثابة تصدي من قبل الحزب الديمقراطي بوضوح على الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها إدارة ترامب، لا سيما في التعبير عن دعمها لسياسات حكومة نتنياهو في الضفة الغربية".
وأشار أوستروفسكي إلى أن "وجهات نظر طالب وعمر المعادية لإسرائيل ومعاداة السامية تم رفضها بأغلبية ساحقة من قبل غالبية الحزب الديمقراطي". وقال إنه لا يزال هناك "إجماع شبه عالمي من الحزبين" حول الاعتراف بالتحديات الأمنية لإسرائيل، ودعم التحالف بين الولايات المتحدة وإسرائيل.
صرح سفير إسرائيل السابق في الولايات المتحدة ومنسق العلاقات في سفارة إسرائيل مع الكونجرس الأمريكي، يورام اتنغر، لـ "ميديا لاين" أنه "من المستحيل الحصول على نتيجة أفضل بينما تدعم "أيباك" حل الدولتين أو ليس لديها موقف بشأن هذه القضية."
وأضاف "يجب على إسرائيل أن توضح للمشرعين وصناع القرار وصانعي الرأي العام في الولايات المتحدة حول التأثير السلبي لقرار اقامة دولة الفلسطينية على المصالح الأمريكية ، بما في ذلك استمرار الأنظمة العربية موالية للولايات المتحدة."
اقترح البروفسور مناحيم كلاين، وهو أستاذ العلوم السياسية في جامعة "بار إيلان" ومستشار سابق لرئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إيهود باراك ووزير الخارجية شلومو بن عمي، أن ينظر إلى التصويت في سياق السياسة الأمريكية، حيث لا توجد عملية سلام إسرائيلية فلسطينية ، وبالتالي فهي لا معنى لها في هذا السياق.
واضاف "نص القرار معتدل للغاية، إنه يذكر أمن إسرائيل والدولة اليهودية ولكن لا شيء يتعلق بالاحتلال أو حقوق الفلسطينيين. يعتقد كلاين أن الدعم الأكثر وضوحًا لحقوق الفلسطينيين أو انتقاد الاحتلال كان من شأنه أن يحول دون تصويت الأغلبية.
وقال البروفيسور جوناثان رينهولد، من قسم الدراسات السياسية بجامعة بار إيلان "إن القرار يوضح النهج القديم والمهيمن والموجود مسبقًا بين الديمقراطيين وهو: دعم قوي لالتزام الولايات المتحدة بالأمن الإسرائيلي ودعم قوي لحل تفاوضي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني على أساس دولتين لشعبين ".
واضاف رينهولد إن معارضة أربعة ديمقراطيين تشير إلى مدى تقليدية القرار من حيث المواقف السياسية التي يتم التعبير عنها، لأن معارضتهم ترجع إلى الالتزام الصريح بالأمن الإسرائيلي والدولة اليهودية".
وذكر رينهولد أن القرار كان رد واضح لموقف إدارة ترامب والذي يدعم نتنياهو واليمين الإسرائيلي بشأن المستوطنات.
قال البروفيسور إيتان جيلبوا، أستاذ الاتصال والإدارة الحكومية بجامعة "بار إيان"، لـ "ميديا لاين" إن تمرير القرار يحمل درساً مهماً لإسرائيل : تحتاج إسرائيل إلى دعم من الحزبين لأن الجمهوريين لن يسيطروا على البيت الأبيض إلى الأبد، بغض النظر عمن سيقود الحكومة الإسرائيلية القادمة، سيتعين على إسرائيل أن تأخذ في الاعتبار مواقف الحزب الديمقراطي وهذا يعني أيضاً مواقف اليهود الأميركيين (لأن معظمهم يدعمون الديمقراطيين) وينبغي على إسرائيل أن تقلق بشأن الانقسام بينها وبين الحزب الديمقراطي .