تعيش الطبقة السياسية هذه الأيام خاصة في أوساط الأغلبية الحزبية و البرلمانية أزمة مختلقة أصبحت تعرف بأزمة " المرجعية " ، هل هي للرئيس السابق ، أو للرئيس الجديد ، أم هي لنصوص حزب الاتحاد من أجل الجمهورية ؟
و ينسى محركوا هذا الخلاف دائما أن دستور البلاد الذي يرجع اليه في سن القوانين و الذي يحدد صلاحيات كل رئيس منتخب في المجالات السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و العسكرية يجب أن يظل المرجع الحصري الوحيد و أن احترام ترتيباته المتعلقة بالفصل بين السلطات التنفيذية و التشريعية و القضائية هو السبيل إلى سلوك النهج المؤدي إلى بزوغ دولة القانون .
و إذا كانت العشرية الماضية قد حققت إنجازات معروفة في مجالات البنى التحتية و جاهزية الجيش الوطني و الحالة المدنية فإن إنتهاء مأمورية قائدها الذي أصبح تلقائيا من الرؤساء القدامى يتمتع بالاحترام و التقدير و الحقوق و الواجبات التي عليهم، يجب أن يتيح الفرصة لخلفه مواصلة ماهو إيجابي و معالجة السلبيات خاصة في مجال الإرث الثقيل للمديونية الخارجية و الفساد المستشري في مختلف قطاعات الحياة .
و عندما تحاول جهات معروفة تقليص صلاحيات صاحب المأمورية الجديدة و منعه من تنفيذ مشروع مجتمعه " تعهداتي " الذي أنتخب على اساسه فلا يمكن للشعب أن يقف مكتوفي الأيدي .
إن الرئيس الجديد لم يترشح بإسم حزب أو جهة معينة ، غير أن أحزابا و جهات عديدة دعمته و في مقدمتها حزب الاتحاد من أجل الجمهورية و لكن هل يحق لأية جهة أن تتدخل فيما لا يعنيها خرقا للدستور و القانون و تعطي لنفسها حق السيطرة على الجهاز التنفيذي و التشريعي أو تهيمن على السلطة القضائية .
إن جو الوئام الذي يعيشه البلد منذ بدأ المأمورية الحالية جعل من الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني لأول مرة في تاريخ البلاد رئيسا للأغلبية و المعارضة، منشغلا بتضميد الجراح و تشجيع الحوار البناء بين كافة الشرائح و الأحزاب و يعد في خطبه بعدالة صارمة في توزيع الدخل الوطني على كافة المواطنين .
فلنحترم الدستور و نجعله مرجعيتنا الحصرية الوحيدة و نتق الله في هذا الشعب حتى ينعم بثرواته الكثيرة و يستعيد وحدته الوطنية و يتبوأ في وئام كامل مكانته التاريخية المتألقة في إفريقيا و العالم العربي و الإسلامي .