أفاد تقرير بأن إجمالي خسائر شركات التكنولوجيا الأميركية بسبب تصعيد النزاع التجاري مع الصين بلغ 10 مليارات دولار منذ شهر يوليو (تموز) الماضي حتى الآن، مشيراً إلى أن هذا الرقم مرشح للازدياد خلال شهر سبتمبر (أيلول) الحالي، حيث يبدأ سريان تطبيق الدفعة الجديدة من التعريفات المفروضة على واردات صينية بقيمة 300 مليار دولار.
وأوضح تقرير شبكة «سي إن بي سي» الأميركية أن النزاع المتصاعد بين أكبر اقتصادين على مستوى العالم دخل أمس مرحلة جديدة، بحيث سيشعر المواطن الأميركي خلاله بشكل مباشر بوطأة التعريفات الجديدة التي تستهدف منتجات تقدر قيمتها بمليارات الدولارات، وتشمل كثيراً من المنتجات الإلكترونية بمختلف أشكالها. ونقلت الشبكة عن برونوين فلوريس، المتحدثة باسم جمعية تكنولوجيا المستهلك الأميركية التي تمثل أكثر من ألفي شركة عاملة في صناعة الإلكترونيات الأميركية، قولها: «الأمر سينتهي بارتفاع كبير في أسعار المنتجات التي يبتاعها المواطن الأميركي، وسنستشعر هذا الارتفاع خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) أكثر من سبتمبر، حيث يحل موسم التخفيضات السنوية، فيما يعرف بـ(الجمعة السوداء). لذا أنصح من يريد شراء أجهزة أن يفعل ذلك في أقرب وقت ممكن». كما أوضحت فلوريس أن قائمة المنتجات التي تخضع إلى دفعة التعريفات الجديدة بدءاً من الأمس تتضمن منتجات استهلاكية شعبية، مثل الساعات الذكية وأجهزة الحاسب الآلي والكاميرات الديجيتال والأجهزة الرياضية، بما يقدر قيمته بنحو 52 مليار دولار.
كما لفت تقرير «سي إن بي سي» إلى أن عمالقة شركات التكنولوجيا الأميركية ليسوا بمعزل عن التعريفات الجديدة، موضحاً أن المعركة التي تتزعمها شركة «آبل» حالياً من أجل إعفاء منتجاتها من الرسوم المفروضة تبلور حجم التحديات التي تواجهها الشركات الأميركية بسبب تصعيد النزاع بين واشنطن وبكين.
وأشار إلى أن شركة «آبل» أرسلت في يونيو (حزيران) الماضي خطاباً إلى الحكومة يفيد بأن إدراج عدد من منتجاتها الرئيسية ضمن «القائمة 4»، وهي قائمة المنتجات التي ستخضع لدفعة التعريفات الجديدة، مثل أجهزة «آيباد» والهاتف الذكي «آيفون» وأجهزة الحاسب الآلي «آيماك» و«آيبود»، سيتسبب في تقليص حجم إسهامات الشركة الرائدة في الاقتصاد الأميركي.
ويقول محللون لدى مؤسسة «جي بي مورغان» إن التكلفة التي ستتحملها «آبل»، جراء التعريفات الإضافية التي ستضطر أن تسددها للحكومة الأميركية من أجل استقدام منتجات يتم تجميعها في الصين، أكبر من أن يعوضها رفع أسعار منتجاتها أمام المستهلك، وبالتالي قد يصل حجم خسائرها إلى 500 مليون دولار. أيضاً ذكرت وكالة «بلومبرغ» الأميركية أن حرب التعريفات المتفاقمة بين الولايات المتحدة والصين باتت تهدد مصالح شركة «آبل»، ليكون عملاق التكنولوجيا الأميركي أحدث المنضمين إلى قائمة ضحايا النزاع التجاري القائم بين أكبر اقتصاديين على مستوى العالم، الذي ينذر برفع الأسعار على الأدوات الاستهلاكية الشعبية، وتقويض إحدى سلاسل التوريد العالمية. ونقلت «بلومبرغ» عن المحلل جين مونستر، بشركة «لوب فنتشرز»، قوله إنه «إذا أضافت الولايات المتحدة تعريفات على أي من منتجات شركة (آبل)، دون أي نوع من التعويض في المقابل للتخفيف من الآثار السلبية الناجمة عن تلك الخطوة، ستكون قد اختارت طريق اللاعودة»، وأضاف: «نعتقد أن الولايات المتحدة لا ترغب في أن تكون هي الطرف المبادر بفرض تعريفات على (آبل)، نظراً للمكانة التي تتبوأها الشركة، كشركة رائدة أميركية وممثل لقطاع الأعمال الأميركي في الصين».
ورأت الوكالة، من جانبها، أنه من غير المرجح أن يعمد ترمب إلى إرجاء أو منح «آبل» مهلة من التعريفات المزمعة، موضحة أن الرئيس الأميركي لم يبدِ حتى الآن أي نوع من التراجع أو التهدئة في مواقفه، بل إنه فضل إلقاء اللوم على الشركات الأميركية، لعجزها عن موائمة أوضاعها أو التكيف مع سياساته التجارية التي تستهدف تحقيق عدالة تجارية، أو تقويض قدرة «اللاعبين غير المنصفين»، على حد وصفه.
وعددت «بلومبرغ» بعضاً من منتجات شركة «آبل» الأميركية المستهدفة في دفعة التعريفات الجديدة، ومنها «آبل ووتش»، وأجهزة الحاسب الآلي (آيماك)»، وسماعات «آبل إير بود»، وبعض أجزاء الهاتف الذكي «آيفون»، وغيرها من المنتجات التي شكلت مبيعاتها نحو 10 في المائة على الأقل من عائدات الشركة العام الماضي، لافتة إلى أن جهاز «آيفون»، الذي تشكل مبيعاته أكثر من نصف عائدات الشركة الأميركية، لن يخضع لتلك التعريفات حتى منتصف شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وتجدر الإشارة إلى أن شركة «آبل» الأميركية أمضت عقوداً طويلة في بناء واحدة من أكبر سلاسل التوريد العالمية. ورغم أنها تقوم بتصميم وبيع أغلب منتجاتها داخل الولايات المتحدة، فإنها تستقدم في الوقت ذاته بعضاً من هذه المنتجات من الصين، حيث يتم تجميعها، مما يجعلها في صدارة أكبر الخاضعين لتعريفات ترمب.