صدر عن دار «بتانة» للنشر بالقاهرة كتاب «المنسيون ينهضون»، للكاتب الشاعر شعبان يوسف. ويلقي الكتاب الضوء على سيرة وحياة عشرين أديباً مصرياً لم ينالوا نصيبهم من الشهرة، بل غابت أعمالهم الأدبية وجهودهم الفكرية والثقافية، رغم فرادتها وتميزها، بين التجاهل والنسيان.
ينقب المؤلف في حياة هؤلاء الكتاب، على شتي الأصعدة الأدبية والإنسانية، ويرصدها بأسلوب شيق موجز، لا يخلو من نبرة شجن وأسى، لافتاً إلى أن كتابته عن هؤلاء الكتاب المنسيين ليس لكونهم مبدعين فحسب، وإنما لأنهم كانوا أصحاب رؤية وتوجه خاص، وحملوا على عاتقهم هم الكشف عن جوانب خاصة في كتابتهم الأدبية. ومن المفجع أن يكون ثمرة ذلك الجهد الدؤوب، وهذا التركيز الاستثنائي، ذلك القدر الكبير من النسيان والإهمال والتجاهل. وإن كان ذلك يعكس - من جهة أخرى - عدداً من عيوب ومثالب الحياة الثقافية في مصر، ومشكلاتها التي لا تزال تعاني منها حتى الآن.
من بين هؤلاء المنسيين الكاتب «بدر الديب»، صاحب الرؤى المتميزة والمغامرة في شتى دروب الإبداع، في الشعر والقصة والرواية والنقد والترجمة.
كما يتحدث عن «أنور المعداوي» الناقد الذي ملأ الدنيا وشغل الناس في عصره، لكنه لم ينج من ذلك التجاهل، مشيراً إلى أن ظهور المعداوي في زمنه «كان احتياجاً أدبياً وثقافياً وفكرياً واجتماعياً مطلوباً، للدرجة التي أصبح فيها بمثابة الناقد الضرورة».
وتابع يوسف بقوله إنه «في الوقت الذي تراخت فيه أقلامٌ كثيرة، وراحت تعمل مجاملة أو منافقة لهذا أو لذاك، أو طلباً للرزق، كان قلم (أنور المعداوي) يعمل نقدياً، من دون أي حساباتٍ اجتماعية تُذكر، لدرجة أن كثيرين اتهموه أنه جاء لتحطيم المبدعين والنقاد والمفكرين».
في هذا السياق، كشف الكتاب أيضاً عن جهود الكاتب على شلش الذي يعده واحداً من المفكرين القلائل الذين يمكن أن نصفهم بأنه «مؤرخٌ أدبي وثقافي»، قدّم للمكتبة العربية عدداً من الدراسات الأدبية المهمة، وكان يقوم بمفرده، وبدأبٍ لا حدود له، بجهود مؤسساتٍ كبرى قد تعجز عن القيام بما قام به.
وذكر شعبان يوسف بجهود على شلش المرموقة، خصوصاً في تعريف القارئ العربي بتفاصيل وملابسات الثقافة والإبداع الأفريقيين، التي استطاع أن يقدمها بسلاسة ودقة، رغم صعوبة معرفة أصولها التي تنبثق من روافد كثيرة، مثل الأديان والأساطير المحليّة المتنوعة والخرافات وخلافه، مما يصعّب على أي باحثٍ أو مترجم فك شفرات تلك الثقافة المتشابكة.