قال مسؤولون، يوم الثلاثاء، إن البحرين تخلت عن خطة لإصلاح نظام الدعم الحكومي في المملكة، إذ تخشى السلطات إثارة المزيد من الاضطرابات في البلاد، وعرقلة جهود الحكومة الرامية لإصلاح المالية العامة.
وتناقش الحكومة والبرلمان منذ العام الماضي هذه الخطة، التي تهدف إلى إصلاح نظام المخصصات التي تُصرف للبحرينيين الذين تعرضوا لضغوط جراء سنوات التقشف وارتفاع الأسعار.
وكانت البحرين، التي لا تملك احتياطيات النفط الوفيرة التي يتمتع بها جيرانها الخليجيون، اتخذت إجراءات تقشفية في السنوات الأخيرة، مثل تطبيق ضريبة القيمة المضافة، ورفع أسعار استهلاك المياه والكهرباء.
غير أن حكام المملكة يخشون أن تعزز الخطوات التقشفية موقف المعارضة بقيادة الشيعة الذي يشكلون أغلبية السكان -والتي لا تتمتع أحزابها الرئيسية بتمثيل في البرلمان- وتثير مزيدا من الاضطرابات التي شهدتها المملكة منذ انتفاضات الربيع العربي في 2011.
وقال مشرع بحريني طلب عدم ذكر اسمه: "هذا الإصلاح لم يعد يمثل أولوية لدى الحكومة والبرلمان". وأبلغ مسؤول بحريني آخر رويترز أنه جرى "استبعاد" هذه الخطة.
وفي العام الماضي، أمر ملك البحرين حكومته بالتوصل إلى توافق مع البرلمان بخصوص نظام الدعم الجديد، والذي كان سيشمل دمج دعم اللحوم، وبدل غلاء المعيشة في حزمة واحدة.
وكان مسؤولون قالوا إن النظام الجديد سيكون أبسط من الحالي، من خلال دمج عدة مدفوعات، وتوجيه حصة أكبر من الدعم للمواطنين الأشد فقرا.
غير أن الحكومة رفضت اقتراحات المشرعين في آب/ أغسطس.
"مليارات الاستثمارات"
تدخلت السعودية مع الكويت والإمارات العربية المتحدة لإنقاذ الحكومة البحرينية، التي تعاني من شح السيولة العام الماضي، عندما تسبب هبوط أسعار النفط لفترة طويلة في رفع دينها العام إلى نحو 93 بالمئة من الناتج الاقتصادي السنوي.
وفي إطار حزمة الإنقاذ البالغة قيمتها عشرة مليارات دولار، اتفقت البحرين على تطبيق ضريبة قيمة مضافة بنسبة خمسة بالمئة، إلى جانب المزيد من تخفيضات الدعم، وخطة تقاعد طوعي لموظفي الدولة.
ولم يؤكد متحدث باسم الحكومة التخلي عن خطة إصلاح الدعم، لكنه قال إن البحرين ملتزمة بتحقيق التوازن المالي كما تعهدت لحلفائها الخليجيين.
وقال المتحدث، في بيان، إن برنامج التوازن المالي الذي جرى تدشينه في 2018، يهدف إلى تحقيق التعادل بين الإيرادات والمصروفات في ميزانية البحرين بحلول عام 2022، دون تقليص الخدمات العامة المقدمة للمواطنين.
وأضاف البيان أن الحكومة تسرع الخطى في مشروعات ضخمة للاستثمار في البنية التحتية، تتجاوز قيمتها 32 مليار دولار، وهو ما يشمل 7.5 مليار دولار من الحلفاء الخليجيين وعشرة مليارات دولار من الشركات الحكومية و15 مليار دولار من مستثمري القطاع الخاص.
وأشار إلى أن البرنامج المالي خفض عجز الموازنة حتى الآن، بواقع 35 بالمئة، وفقا للتقديرات الأولية لعام 2018.
وانخفض عجز الموازنة في البحرين إلى 11.7 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في العام الماضي من 14.2 بالمئة في 2017، لأسباب من بينها ارتفاع أسعار النفط، وخفض دعم المرافق، وفرض ضرائب جديدة، بحسب تقديرات صندوق النقد الدولي.
شهدت البحرين اضطرابات سياسة على مدى سنوات قبل وبعد الربيع العربي.
وحاكمت المملكة، التي تستضيف الأسطول الخامس التابع للبحرية الأمريكية، مئات المحتجين، وأسقطت عنهم الجنسية في محاكمات جماعية، وحظرت جماعات المعارضة الرئيسية. ومعظم الشخصيات البارزة في المعارضة الشيعية وناشطو حقوق الإنسان يقبعون في السجن أو فروا إلى خارج البلاد.
في الوقت نفسه، تحاول البحرين الترويج لنفسها على أنها مركز للتكنولوجيا المالية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وارتفع سعر السندات الدولارية البحرينية استحقاق 2028 منذ حزمة الإنقاذ الخليجية من مستوى قياسي منخفض في يونيو/ حزيران الماضي، عندما بدا أن المملكة توشك على العجز عن سداد التزاماتها.
غير أن المنحى الصعودي قد يرتد إلى الاتجاه العكسي، إذ لم تعالج المنامة تجاوزات الإنفاق.