بدأت مؤشرات الضعف تظهر على الاقتصاد الصيني الضخم. فقد بات المستثمرون يبتعدون عن عقد الصفقات، كما بدأت المصانع بالانتقال إلى الخارج، وأخذت الشركات تتخلى عن الموظفين.
وبدأ ثاني أكبر اقتصاد في العالم يفقد زخمه وسجّل أبطأ نمو منذ نحو ثلاثة عقود العام الماضي، كما انخفض بشكل أكبر خلال الأشهر الماضية.
ورغم نمو إجمالي الناتج المحلي بنسبة 6,6% في 2018 – وهي النسبة التي تحسدها عليها معظم الدول – إلا أن جهود الصين لخفض جبل الديون المتراكمة أثّر على الاقتصاد.
وتواجه الشركات الخاصة بشكل خاص عوائق جديدة مع ارتفاع التكاليف، وصعوبة الحصول على التمويل. كما أن الحرب التجارية مع الولايات المتحدة لا تساعد.
في ما يلي نظرة على بعض المشاكل التي تواجهها الشركات الصيني والشعب الصيني:
بالنسبة لشركة «بكين ييشين تكنولوجي» الناشئة التي تقف وراء لعبة «فارم تيك هوم» للهواتف الذكية، كانت تبدو الاستفادة من إدمان الصين على ألعاب الفيديو أمراً سهلاً.
فهذه اللعبة تسمح للاعبين بحصاد القمح وتربية الدواجن وزراعة أشجار التفاح، لتبعدهم عن ضغوط حياة المدن الصينية. ولكن في الواقع فإن هذه الشركة الناشئة تجد صعوبة في العثور على مستثمرين. قال كوي يي، رئيس مجلس إدارة الشركة «في ديسمبر (كانون الأول) نفد تمويل شركتنا، وكان لدينا عدد من المستثمرين المهتمين ولكن الأموال لم تصل أبداً». وأضاف «هذا الشهر تمكنت من العثور على مستثمر آخر، ولكنه تراجع. أعتقد أنه لم يعد بإمكاننا الصمود». وهذه الشركة ليست الوحيدة التي تعاني من هذه المشكلة.
فقد جف تمويل كثير من الشركات في نهاية العام الماضي. وانخفض مجموع الاستثمارات في الربع الأخير من العام بنسبة 13% مقارنة مع العام الذي سبق، طبقا لبيانات معهد «بريكين» لأبحاث السوق.
ويقع جزء من اللوم في ذلك على صانعي السياسة الذين يدفعون في اتجاه تشيد الحرب على الديون، وكذلك على المخاطر المالية التي خفضت من تدفق التمويل إلى شركات الاستثمار، حسب ما يقول خبراء القطاع. وأصدرت الحكومة أمراً بعدم الموافقة على أي العاب فيديو جديدة بسبب ما قالت أنه مخاوف على إدمان الشباب تلك الألعاب، وهو ما أدى الى عرقلة عمل شركات مثل «بكين ييشين تكنولوجي». وتواجه شركات أخرى تبعات الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين. فقد سعى عشرات المصدرين إلى الالتفاف على الرسوم الجمركية الأمريكية من خلال بناء مصانع خارج الصين بحسب مراجعة للأسهم العامة. وبدأت شركات أخرى بإرسال العمال في وقت مبكر للاحتفال بالعام الصيني الجديد أو بدأت بخفض دفعات العمل الإضافي.
وقال هاري شيه مدير شركة «رانفاين بيرنغز» التي تعمل في مقاطعة زهيجيانغ شرق الصين ان الحرب التجارية «أثرت على أرباحنا». وفرضت واشنطن ضرائب بنسبة 25% على العديد من السلع الصينية في يوليو/تموز. وقال شيه أنه تقاسم الزيادة مع عملائه الذين نصفهم تقريباً من الولايات المتحدة.
وأضاف «حركة الأعمال تنخفض بالنسبة لمعظم الشركات وكذلك المصانع. ولديها المشاكل نفسها التي أواجهها والأرباح تنخفض بينما التكلفة ترتفع». وقد أثر انخفاض الدخل الشخصي المتاح وتقلص التمويل على انفاق المستهلكين، حيث انخفضت مبيعات السيارات العام الماضي لأول مرة منذ أكثر من 20 عاماً. وأظهرت بيانات رسمية أن البطالة عند مستوى ثابت، وارتفعت بشكل طفيف إلى 4.9% الشهر الماضي. غير أن البيانات المستقلة ترسم صورة أخرى. فطبقا لبيانات من «زهاوبين»، أكبر موقع للتوظيف في الصين وجامعة رينمين، فقد انخفضت وظائف التكنولوجيا المعلنة في الفترة من أكتوبر/تشرين الأول حتى ديسمبر/كانون الأول بنسبة 20% عن العام الذي سبق، بعد أن انخفضت بنسبة 51% في الربع الثالث.
وقالت مينغ وي، المتحدثة باسم «لجنة التنمية والإصلاح الوطني» الرسمية، ان الاقتصاد الصيني «يواجه ضغوطاً انخفاضية وستنتقل هذه الضغوط إلى حد ما إلى سوق العمل».