مطعم قد يبدو تقليديا في المدينة الحمراء مراكش بالمملكة المغربية، لكنك ما أن تدخل إليه حتى تحيط بك لافتات الأمل، وبمجرد أن تبدأ في طلب الطعام سوف تكون المفاجأة في انتظارك، فالمطعم هو جزء من مبادرة أمل لتعليم السيدات المغربيات المعوزات فن الطهي ومساعدتهن على الولوج إلى سوق العمل بعد تلقيهن تدريبا احترافيا، وأن كل وجبة تشتريها من هذا المطعم عائدها بالكامل لصالح هؤلاء السيدات وعمليات التدريب الخاصة بهن.
صاحبة المبادرة نورا فيتزجيرالد قالت للجزيرة نت "قابلت سيدة في عام 2006 تتسول في أحد شوارع مراكش وتأثرت بقصتها جدا وقررت مساعدتها ماديا، وظللت فترة أتابع حالتها وحالة غيرها من المتعثرات من السيدات واللاتي يمارسن التسول في شوارع مراكش، ولكن بعد أن مرت ستة أعوام كاملة على تقديم المساعدات لهن وجدت أن حياتهن لم تتأثر".
إحدى المتدربات من الصم والبكم في مطعم أمل (الجزيرة)
علمني كيف أصطاد
تضيف فيتزجيرالد أن المثل الصيني الشهير "لا تعطني سمكة بل علمني كيف أصطاد" كان دليلها نحو مبادرتها، ففكرت في خلق مشروع يساعد السيدات عن طريق تدريبهن على مهنة معينة تساعدهن على الولوج إلى سوق العمل بعد حصولهن على التدريب الكافي وكان المطعم هو أكثر فكرة مناسبة.
لم يكن اختيار فكرة المطعم غريبا، حسب فيتزجيرالد، فمعظم السيدات المغربيات طاهيات ماهرات ويصنعن من أشياء بسيطة أطعمة لذيذة، إضافة إلى أن مراكش مدينة سياحية وبها عدد كبير من المطاعم وبالطبع هناك فرص للعمل بها.
أطلقت فيتزجيرالد اسم "أمل" على المبادرة التي نجحت في تأسيسها عام 2012، لأنه اسم سهل على المتحدثين بغير العربية الذين يمثلون قدرا لا بأس به من عملاء المطعم، إضافة إلى أنه يحمل معنى وقيمة كبيرة لكل سيدة تدخل إليه قد ضاقت الدنيا بها.
التدريب على عملية تقديم الطعام في مطعم أمل (الجزيرة)
لماذا تنضم السيدات لمبادرة أمل؟
تقول فيتزجيرالد "لابد أن تقوم المتدربة قبل الانضمام للمبادرة بملء استمارة الترشح للتدريب عبر الموقع الإلكتروني الخاص بنا، وأن يتراوح عمرها بين 18 و35 عام وأن تكون ضمن الفئات المحتاجة بالطبع، ثم نلتقي شخصيا معها، والمعيار الوحيد الذي يكون الفيصل بين المتقدمين هو العزيمة لتغيير الحياة والالتزام، لأن التدريب شاق ويتواصل 6 أيام أسبوعيا لمدة 6 أشهر".
تتحصل المتدربة في مبادرة أمل على أجر رمزي نظير حصولها علي هذا التدريب بحد أدنى 100 دولار أميركي، بالإضافة إلى حصولها على اشتراك مجاني في "الأتوبيس" ووجبات مجانية طوال فترة التدريب.
وتضيف فيتزجيرالد "أنا أشعر بالإنجاز، وبأنني أؤدي رسالتي في الحياة، وكل ما أتمناه هو أن توفر كل امرأة حياة كريمة لها ولأبنائها، كما أنني شعرت بالفخر عندما استطعنا توفير فرص عمل لخريجاتنا من الصم والبكم في أحد مقاهي مراكش".
يذكر أن نورا فيتزجيرالد هي مغربية، مولودة في الولايات المتحدة لأبوين مغربيين، وحاصلة على بكالوريوس في الرياضيات وآخر في اللغة الإسبانية، وهي أول امرأة مغربية تحصل على جائزة "المرأة من أجل التغيير" (Women for Change) في عام 2015، ولم يكن لديها أي خبرة في إدارة المطاعم ولكنها وضعت نصب عينيها كل امرأة تعاني في مدينة مراكش وكان المطعم بالنسبة لها تحديا كبيرا، ففي اليوم الأول لافتتاح المطعم في أبريل/نيسان من عام 2012 دخل أربعة أشخاص فقط لتناول وجبة الغداء، أما اليوم فيتناول فيه حوالي 100 شخص الغداء يوميا.
المصدر : الجزيرة