لكل دولة رجـالها..  بقلم : سيد أمحمد أجيون (الجزء الأول)

اثنين, 31/10/2016 - 14:00

كان خطاب الرئيس  محمد ولد عبد العزيز الأخير، قمة في المفاجأة  بالنسبة لأغلبيته الداعمة إلا قليلا منهم, ومربكا وساحقا لمناوئيه السياسيين الذين يعتمدون في سياستهم على بث الشائعات لمغالطة الشعب وتركيز جهودهم على الوصول للسلطة انطلاقا من مصالح ضيقة آنية بدل المساهمة في مشروع بناء الدولة ، لذلك ركزوا في دعايتهم على أن الرئيس ينوي تغيير الدستور للبقاء في الحكم.
وهو ما فنده الرئيس جملة وتفصيلا، رغم أنه لا يزال شابا وقويا بمفاهيم السياسة, الأمر الذي أكسبه شعبية منقطعة النظير في الوقت ذاته، قادرة على تخليده في الحكم بحيل الديمقراطية المتعددة بتعدد الأطروحات والمفكرين.
 ازدادت  شعبية الرئيس بشكل سريع بعد الإفصاح عن عدم نيته الترشح لمأمورية ثالثة بل حتى التفكير فيها مقدما بذالك مثالا نادرا ووعيا متقدما جدا على خصومه السياسيين، ودرسا في الديمقراطية يتجاوز إفريقيا والعالم العربي الذين نعيش في فلكهما والذين استطاع أن يقودهما خلال مأموريتيه.
الإرادة السياسية تصنع المستحيل.
الحوار الوطني الشامل الذي جاء بعد سنوات من التجاذب السياسي جاء تجسيدا لطموح الرجل في بناء مؤسسات ديمقراطية ويضمن مشاركة كل الطيف السياسي  في ترسيخ قيم الحوار والمشاركة في بناء الاستراتجيات الوطنية والتداول السلمي على السلطة.
غير أن تخلف بعض المعارضين "الراديكاليين" فتح الباب أمام جيل جديد من الأحزاب والتكتلات الشبابية للمشاركة في عملية إعادة التأسيس التي نادى بها الرئيس في أكثر من مناسبة وبذلك أقصوا أنفسهم من المشهد السياسي الذي لم يدخروا جهدا  لتأزمه  على مدى سنوات حكم الرئيس وفتحوا الباب أمام تجديد الطبقة السياسة بدون وعي منهم.
 ولأن الحوار قناعة ووسيلة وحيدة لتجاوز المشاكل وتحديد بوصلة التنمية وتركيز الجهود على البناء بدل التجاذب السياسي،شاركت القوى الحية في المجمع بكل مكوناتها، وتحاورت وطرحت القضايا في جو ديمقراطي كانت ثمرته مخرجات أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها تمثل إرادة غالبية الشعب الموريتاني لما اشتملت عليه  من نقاط تعيد النظر في الرموز الوطنية لإعطائها شحنة لرمزيتها، وإعادة هيكلة بعض المؤسسات الدستورية والاقتصادية وترسيخ قيم العدالة والمساواة.
 ملك الرئيس قلوب المؤسسة العسكرية بفعل الامتيازات التي حظيت بها في عهده أبعدتها عن السياسة وركزت جهدها على هدفها ما مكنها من تحقيق نجاحات عسكرية في الميدان وبناء استراتجيات أمنية ناجعة لحماية الأرض وتأمين الشعب، خصوصا أن المنطقة تشهد صراعات سياسية وعسكرية، ظلت موريتانيا بعيدة عنها بفضل الله أولا وحكمة الرئيس وقوة المؤسسة العسكرية.
حنكة الرجل وخبرته مكنتاه من انتقاء رجال أكفاء  للسهر على برنامجه وتلك لعمري مهمة صعبة , مهمة اختيار الكفاءات كان من ثمرته اختيار رجل كفء  لقيادة العمل الحكومي  وأكدت السنوات حسن الاختيار, فالرجل لم  يأتي تكليفه بحقيبة الوزارة الأولى ولا النجاحات التي حققها من فراغ،  بل هي امتداد لسنوات من الخدمة العامة التي أبلى فيها بلاء حسنا بدءا بالشركة الوطنية للصناعة والمناجم " سنيـم" التي تدرج فيها مرورا بوزارة النقل التي كان له فيها شأن فنال ثقة الرئيس وهو أهل لها، فكان ساعده الأيمن ويده التي ضرب بها المفسدين لإيمانه بوطنيته وحسن تسييره وتدبيره.
أثبت الرئيس في آخر ظهور له أمام شعبه أن الرئيس القوي هو من يتنازل، وأن الحقوق لا تنتزع إلا من المستبدين وأن قناعته بالديمقراطية وعشقه للوطن ودرايته بمصلحته هي التي تفرض عليه اليوم تأكيد اعتماد مبدإ التناوب السلمي على السلطة وأن المقاسات لا ينبغي أن تكون على الأشخاص وأن الصعوبة تكمن في ثقة الشعب وأن الكلمة الفصل له لا لغيره .
ما أروع أن يكون لقادة البلدان الشقيقة قيادات عسكرية ومدنية كقيادتنا الحالية في هذه المرحلة المفصلية من تاريخنا المعاصر.
للحديث بقية ...
وشكرا