"الأمل" الذي يقتلنا..

خميس, 04/08/2016 - 19:52

حادث سير مروع ينهي حياة أربعة أشخاص اليوم (04 أغسطس 2016 ) على طريق الأمل قرب مدينة مكطع لحجار .. وقبل ذلك بخمسة أيام ، وتحديدا يوم 31 يوليو الماضي لقي ثلاثة أشخاص مصرعهم في حادث سير على نفس الطريق.. وقبل قرابة أسبوعين من الآن اختطف الموت أيضا أرواح عدة مواطنين دفعة واحدة على نفس الخط، بينما كانت "قمة الأمل" تنعقد في نواكشوط.. ولعل من الصعوبة بمكان تتبع الحوادث التي تقع يوميا على هذا الطريق، كما يصعب تسجيل آخر نتيجة يتوقف عندها عداد الموتى..
يبدو أن طريق الأمل الذي أريد له أن يكون شريان حياة يمتد بين نواكشوط والنعمة، مرورا بولايات اترارزه والبراكنة والعصابة، قد تحول إلى "تحويلة مباشرة" إلى الآخرة، يتخطف أرواح المواطنين وسط تجاهل من الحكومة..
كيف تجاهلت الأنظمة التي تعاقبت على حكم البلاد منذ 1978م إلى الآن هذا الطريق ولم توليه الاهتمام المطلوب ؟.. الطريق الذي قضى عليه وزراء ومسؤولون ، ومواطنون بسطاء، وجمال وحمير وبقر، لم يثر اهتمام أي رئيس، ولم يحرك فيه ذرة "شفقة" على هذا الشعب .. حتى "رئيس الأمل" الذي فقد فلذة كبده على هذا الطريق قبل عدة أشهر لا يبدو أنه يكترث للأمر، على الأقل حتى الآن..
ليست الحكومة وحدها المسؤولة عن حوادث المرور، رغم أنها تتحمل نصيب الأسد من المسؤولية، فالمواطنون أيضا يتحملون جزءا من ذلك، كما يتحمله السائقون ورجال الأمن الموجودون على الطرق الرئيسية.. فأغلب السائقين، وخصوصا سائقو الشاحنات، لا يلتزمون بآداب الطريق ، ولا بإرشادات السلامة ..
عندما يسوق أحدهم سيارة متهالكة (موديل 1986) تحمل ضعف طاقتها الاستيعابية من البضائع والأشخاص بسرعة 120 كلم في الساعة ، على طريق عرضه متران ونصف المتر.. فإن النتيجة الحتمية هي الموت أو العاهات الدائمة .. لذلك لابد من حملة للتوعية بالسلامة المرورية ، وتثقيف الناس وتبصريهم بمخاطر عدم الأخذ بالأسباب.
نحن شعب لا يملك غير "الأمل" والأحلام .. "الأمل" في غد أفضل، "الأمل" في حكم مدني ديمقراطي عادل، "الأمل" في "الحظرة في الثروات" والتوزيع العادل لها، رغم أنه لا بارقة أمل حتى الآن تدل على قرب تحقق ذلك.. بل إن "الأمل" تحول إلى "قاتل" سفاح يسفك دماءنا دون رحمة.. اللهم لا اعتراض على قضائك.
رحم الله الطغرائي حين قال :
أعلل النفس بالآمال أرقبها = = ما أضيق العيش لولا فسحة "الأمل".
لو كان حيا بيننا لأدرك أن "الأمل" ليس فسيحا، فهو لا يعدو كونه طريقا واحدا ضيقا في اتجاهين تحاصره الرمال من كل مكان، وبالكاد تتعاقب فيه سيارتان، وتتجاهله كل الحكومات.
ومن لقي منكم نزار قباني فليقل له إن "الأمل" قد اختنق فعلا، بل إنه مات، وبالتالي فقد كانت مخاوفه في محلها حين قال :
أخشى على "الأمل" الصغير أن .. يموت .. ويختنق
لقد اختنق "الأمل"، خنقته الرمال، ومات...قتله تجاهل الأنظمة وصمتها المطبق.
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول "لو أن دابة عثرت في العراق لخشيت أن يحاسبني الله عليها، لما لم أسوّ لها الطريق".. فماذا سيقول ولد هيداله وولد الطايع ، و"الرئيس الإنسان" في طريق "الأمل" ، والدماء التي تنزف عليه ؟
هل سيتحول "الأمل" في قاموسنا إلى كلمة مثيرة للشفقة والاشمئزاز معا ؟ فطريق "الأمل" أصبح "تحويلة مباشرة إلى الآخرة"، و شباب "الأمل" فاقوا الكهول في "التصفاق" والتملق، والطوابير أمام دكاكين "الأمل" تظهر مدى الامتهان الذي تعامل به الحكومة الشعب في عصر رئيس الفقراء، الرئيس المصلي وحامي حمى الدين والكرامة..

أرجو من الجميع التدوين تحت هذا الهاشتاغ : ... #أوقفوا_نزيف_الطرق
انتهى
أحمد فال محمدآبه