في مجلس العلماء.. القاضي أحمد المصطفى

جمعة, 06/05/2016 - 20:20

على هامش نشاط علمي في نواكشوط قبل أيام أجلسني المنظمون ـ جزاهم الله خيرا ـ مع علماء وأساتذة أجلاء، فدار حديث ممتع ومفيد حول أمهات مسائل، فكانت لي مشاركات محتشمة ـ على قدري ـ فيه، ربما لأن "لَحْظَرْ مَا صَابْ يَسْكَتْ" كما في المثل الحساني..
أحد فضلاء العلماء ـ وكأنه استغرب مشاركتي ـ قال ممهدا إنه سيقول شيئا لا يريده أن يضايق أحدا لكنه تعود في أمر الله أن لا يجامل، ويريد أن يقول إن توفير اللحية واجب وغيره مخالفة لشرع الله، وأنه استغرب مرة زيارة عالم جليل له في أمر يعني الإسلام وبصحبته شباب لا يوفرون لحاهم..
علق له أحد الأساتذة في المجلس بتأكيد كلامه مضيفا أن الأقبح في مخالفة شرع الله في مسألة توفير اللحية هو ما يقوم به بعض الأشخاص من ترك "هلال" منها، معتقدين شرعية ذلك، وأن طالب علم رد عليه مرة بأنه يستند في ذلك إلى فتوى لأحد كبار علماء موريتانيا الآن سمَّاه..
تذكرتُ ـ وقد أصبح الكلام مصوبا بدقة إليَّ موقف العلامة محمد حبيب الله ولد مايابا في المسألة من علماء مصر، ومخرجه الحسن لهم، وقد دونت مرة عن ذلك، وحضرتني قصة الْمِسْوَر بن مخرمة مع معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، وليست في موضوع اللحية لكنها في موضوع الوعظ والنصح عامة، وفيها أن المسور بن مخرمة وفد على معاوية، فقضى حاجته، ثم خلا به، فقال: يا مسور! ما فعل طعنك على الأئمة؟ قال: دعنا من هذا وأحسن، قال: لا والله، لتكلمني بذات نفسك بالذي تعيب علي، قال مسور: فلم أترك شيئا أعيبه عليه إلا بينت له، فقال: لا أبرأ من الذنب، فهل تعد لنا يا مسور ما نلي من الإصلاح في أمر العامة فإن الحسنة بعشر أمثالها، أم تعد الذنوب، وتترك الإحسان؟ قال: ما تذكر إلا الذنوب، قال معاوية: فإنا نعترف لله بكل ذنب أذنبناه، فهل لك يا مسور ذنوب في خاصتك تخشى أن تهلكك إن لم تغفر؟ قال: نعم، قال: فما يجعلك الله برجاء المغفرة أحق مني، فوالله ما ألي من الإصلاح أكثر مما تلي، ولكن والله لا أخير بين أمرين بين الله وبين غيره إلا اخترت الله على ما سواه، وإني لعلى دين يقبل فيه العمل ويجزى فيه بالحسنات، ويجزى فيه بالذنوب إلا أن يعفو الله عنها، قال المسور: فخصمني. قال عروة: فلم أسمع المسور ذكر معاوية إلا صلى عليه..
لكن مداخلة لأحد العلماء الآخرين في المجلس، حولت الموضوع إلى اتجاه آخر، فقطع علي ما كنت زورته في صدري مناقشة للأفاضل في المسألة، على أني أقر لله بكل ذنب أذنبه، وأعوذ به من شر ما صنعت، وأسأله المغفرة..