الغاز الموريتاني..أحلام وأرقام

أربعاء, 01/06/2022 - 12:43

رغم الإغراءات التي قدمتها وتقدمها الحكومات الموريتانية للمستثمرين في قطاع المعادن الذي يعتبرمن اهم الركائز الاقتصادية للبلد.
الا ان المستثمرين في السنوات الاخيرة، توجهوا للاستثمار في قطاع الطاقة (الغاز ) .

 وبإعلان شركة Cosmos Energy الأمريكية في 2015  عن اكتشافات مهمة من الغاز في السواحل الموريتانية السنغالية  offshore  جنوب المقطع C8 و المسمى حقل( السلحفاة الكبير-احميم Greater Tortue-Ameyim ) ، بالإضافة لاكتشافات واعدة ومهمة  في السواحل الموريتانية سنتحدث عنها في مقالات لاحقة بحول الله.
 
و بعد دخول عملاق الطاقة العالمي British Petroleum البريطانية عام  2016  كمشغل للمشروع ، دخلت بلادنا مرحلة واعدة نحو نادي الدول المصدرة للغاز.
و كان من آثاره السريعة تقدم شركات طاقة عملاقة للحصول على عقود تنقيب و انتاج مع الحكومة الموريتانية ممثلة في الشركة الموريتانية للمحروقات و الأملاك المعدنية  SMHPM ، حيث في ديسمبر 2017 وقعت شركة ExxonMobil الأمريكية ثلاثة عقود للتنقيب و الإنتاج في المقاطع C17-C14 و C22 وهو اول إتفاق للشركة في غرب افريقيا  و في مايو من نفس العام وقعت شركة Total Énergies الفرنسية مع الحكومة الموريتانية اتفاقية تنقيب و انتاج في المقطع C7.

هذا وبعد اعلان وزير البترول و الطاقة و المعادن السيد عبد السلام ولد محمد صالح في  الرابع من  مارس الماضي عن البدء في حفر أربعة آبار انتاج في حقل السلحفاة الكبير-احميم GTA ، مؤكدا  ان المرحلة الأولى من الإنتاج ستبدأ نوفمبر  2023 بعد ان وصل تنفيذ الأشغال في مشروع استخراج الغاز من هذا الحقل  76% .
و كانت موريتانيا و السنغال قد وقعتا عدة اتفاقيات لتقاسم عوائد الحقول المشتركة  كان اولها فبراير 2018 و في ديسمبر من نفس العام و بحضور الرئيسان السينغالي ماكي صال و الرئيس الموريتاني انذاك محمد ولد عبد العزيز تم التوقيع على اتفاقيات لإنتاج و تسويق الغاز من الحوض الساحلي المشترك  وفي فبراير من 2020 وقعت الدولتان اتفاقية تسويق المرحلة الأولى من الحقل المشترك السلحفاة الكبير-احميم GREATER TORTUE-AMEYIM والذي يقدر احتياطيه ب 450 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال. 
وتعتبر هذه الاتفاقيات خيارا استراتيجيا على غرار تجارب ناجحة مماثلة، كإتفاقية حقل Frigg المشترك في بحر الشمال بين المملكة المتحدة و النرويج.

ويتولى تطوير المشروع شركة PB البريطانية كمشغل للمشروع و COSMOS ENERGY الأمريكية و PETROSEN السنغالية و شركة المحروقات و الأملاك المعدنية الموريتانية SMHPM.

 و يعمل المشروع بنظام بحري يربط آبار الإنتاج الاربعة بوحدة عائمة FPSO للإنتاج و التخزين و التفريغ و تعمل الوحدة على معالجة الغاز و وتصفيتة من الهيدروكربونات الثقيلة Condensât قبل نقله الى سفينة الغاز المسال العائمة. 
وكانت BP وقعت مع GOLAR LNG LIMITED عقد بناء وتشغيل محطة الغاز المسال العائمة GIMI. 
و كشفت الاخيرة مطلع شهر مارس من العام الجاري ان الأعمال في تنفيذ المحطة Gimi بلغت 80% ومن المتوقع ان ينتهي العمل بها في الربع الاخير من 2023 و بمجرد اكتمالها ستبحر من حوض بناء السفن بسنغافورة بإتجاه السواحل الموريتانية السنغالية. 
هذا وقد انهت شركة EIFFAGE SA الفرنسية تركيب حاجز للامواج شهر فبراير الماضي. 
و حسب الفنيين القائمين على المشروع يتوقع ان يصل الإنتاج في مرحلته الأولى 2.5 مليون طن من الغاز  المسال.
و من مميزات حقل GTA كون احتياطيه من الغاز الطبيعي المسال عالي الجودة وسهل الاستخراج لوجوده في خزانات جوفية ذات خصائص جيولوجية مميزة كالمسامية Porosité و النفوذية Perméablité  العاليتين. 
و بإستخدام تقنية منصات انتاج الغاز الطبيعي المسال العائمة FLNG
 (Unité Flottante de Gaz Naturel Liquéfié )
وهي تقنية حديثة تم اعتمادها بدءا من 2011 في مجال انتاج الغاز المسال  
و هو ما يقلل من تكلفة الإنتاج حيث يتوقع الخبراء ان تكون تكلفة تسييل مليون وحدة حرارية بريطانية في حدود 2.1 $/mmBtu ، حيث تبلغ 4.5$/mmBtu في روسيا مثلا ، وهذا مما يعزز تنافسيته في الاسواق العالمية، بالإضافة لقربه جغرافيا  ولوجستيا من أوروبا و أمريكا.

و تبقى العقود و العائدات المتوقعة منها هي اكثر ما يهم المواطن المترقب ليرى حلمه من طفرة الغاز اصبح حقيقة ملموسة وهو في الحقيقة ما لا يمكن الجزم بأنه سيكون كذلك على الأقل في الأمد القريب، لأسباب تتعلق أساسا بالتسيير الرشيد للعائدات و هو فعلا ما يبعث على القلق .
ونترك لأصحاب الاختصاص الخوض فيه،و قد طالعت مقالات مفيدة في الموضوع للخبيرين الاقتصاديين السيد يربان الخرش و السيد سيد أحمد ابوه يمكن الرجوع لهما.

وهنا سأكتفي بعرض سريع لتوقعات ما بعد الإنتاج. 
تشير تفاصيل العقود الموقعة بين حكومتي موريتانيا و السنغال إلى أن البلدين يتقاسمان بالتساوي الإنتاج من الحقول المشتركة، ولكن تبقى العقود التي تربطهما بشركات الاستغلال مختلفة و معقدة حيث أن الدولتان وقعتا عقودهما الخاصة مع الشركات بشكل انفرادي و في ظروف مختلفة، وعليه يتم خصم تكاليف الإنتاج من حصة كل دولة حسب الاتفاق الموقع بينها و شركات الاستغلال. 
فحسب أخصائيي  الطاقة فإن  انتاج حقول الغاز ينقسم الى جزئين:
-جزء لتغطية التكاليف يدعى Cost oil 
-و جزء آخر يسمى بالعائدات Profit oil 
و تتقاسم الشركة المستغلة القسم الاخير Profit oil  مع الدولة بنسبة محددة في العقد الذي يربط بين الطرفين. 
فحسب العقود الموقعة بين الحكومة السنغالية و شركة BP  فإن حصة هذه الاخيرة 75% من الإنتاج العائد للسنغال و 25% الباقية هي حصة الدولة السنغالية و المشغلين. 
بينما حسب العقود الموقعة بين موريتانيا و شركائها، تحصل BP على 62%  من الإنتاج العائد للدولة الموريتانية   و 28% ل COSMOS ENERGY  و 10% هي صافي حصة الدولة الموريتانية. و تشير التوقعات الاقتصادية ان تدر المرحلة الأولى من الإنتاج 100 مليون دولار أمريكي سنويا على خزينة الدولة الموريتانية ، هذا بالإضافة إلى استفادة الدولة من أنبوب غاز لتغطية استهلاكها المحلي.

وفي الاخير هناك إجراءات لوجستيية و فنية مهمة تقدم بها السنغال علينا ، منها العمل على تحديث بنيته التحتية(شبكة اتصالات متطورة، بناء مدارس عليا للتخصصات في مجال الطاقة ومعاهد فنية لتكوين يد عاملة متخصصة في نفس المجال...)
وهو ما يساهم لا شك في رفع سقف الاستفادة العام من العائدات.

ويبقى السؤال المطروح ، ترى ماذا حضرنا نحن على مستوانا؟

سيدي محمد طالبنا