مصر.. جرائم أسرية والمخدرات "العامل المشترك"

اثنين, 10/05/2021 - 15:57

تزايدت في الآونة الأخيرة وتيرة الجرائم الأسرية المفجعة في المجتمع المصري، ولعل أحدثها قيام أب في محافظة الفيوم بقتل زوجته وأبنائه الستة تحت تأثير المخدر.

ولم تقتصر الظاهرة على أنصاف المتعلمين أو محدودي الثقافة والدخل، بل شملت أيضا أطباء وأساتذة جامعيين وإعلاميين، مما يفتح الباب أمام تساؤلات حول خضوع هؤلاء الجناة لضغوط أو أمراض نفسية، تقودهم للفتك بأقرب الناس إليهم، تحت تأثير عامل مشترك في بعض تلك الجرائم، وهو "المخدرات".. وهذا ما نحاول التعرف إليه من خلال خبراء الطب النفسي.

في البداية، يؤكد استشاري الصحة النفسية وليد هندي، في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن للعقاقير والمخدرات بأنواعها تأثيرا سلبيا كبيرا على المتعاطي في اتجاهات مختلفة، لم يكشف العلم تأثيرها كليا على مخ الإنسان حتى الآن، وتكمن خطورتها في اختلاف مكونات المخدر وطبيعته وجرعته.

"الإستروكس" نموذجا

وتابع هندي حديثه عن المواد المخدرة، موضحا أن مادة "الإستروكس" تعد من أخطر أنواع المخدرات التي تؤدي لتغييب العقل وتدفع بمتعاطيها إلى اقتراف جرائم قتل لأهون الأسباب حتى بحق أقرب الناس إليه.

فهي تجعل المتعاطي ينفصل عن الواقع ويفقد ذاكرته خلال مدة تعاطيه المخدر، مع حدوث تقلبات مزاجية وتخيلات وأشياء لا وجود لها في الواقع، ومن ثم تدفعه إلى القتل.

ويشير إلى أن المتعاطي خلال فترة تواجد المخدر في جسمه، يشعر وكأنه في حلم وهذا يجعله يقوم بأية جريمة دون الإحساس بفعله إلا بعد أن يزول تأثير المخدر، مما يفسر محاولة الجاني الذي قتل زوجته وأبناءه للانتحار بعد أن أفاق على فداحة جريمته البشعة.

العنف الأسري .. القنبلة الموقوتة

ومن الآثار النفسية لهذه المادة "عقدة الغيرة المرضية"، فيتخيل المتعاطي أي تصرف من زوجته مثلا باعتباره خيانة تستوجب القتل.

 

ويفسر الهندي سبب ما فعله صاحب المخبز مع زوجته وأولاده، بوجود مشاكل أسرية مع زوجته أدت لإصابته بالاكتئاب الحاد، الذي دفعه لقتلهم ثم محاولة قتل نفسه أيضا، لافتا إلى أن هذه الحالة في الطب النفسي تسمى "الانتحار الممتد".

ويوضح أن الفصل في حالة القاتل صاحب المخبز، ولماذا ارتكب الجريمة، هل لكونه تحت تأثير مخدر أم لإصابته بأمراض نفسية أو نتيجة خلل في مركبات شخصيته؟، فإن ذلك يستوجب قيام المتخصصين بعمل الفحص العيادي أو الفحص السريري، وتحليل دم مع خضوعه للفحص الإكلينكي، ثم يتم عمل رسم مخ ومتابعة كهربة المخ لتحديد العقاب كمجرم أم كمريض نفسي.

 علاج استباقي

في السياق ذاته، يؤكد استشاري الطب النفسي، جمال فرويز، أن أول سبب لحدوث جرائم القتل بصفة عامة هو تعاطي المخدرات، التي تسبب اضطرابا عقليا يفقد المتعاطي توازنه ويجعله يرتكب "كوارث" دون إدراك، وهذه الحالة تصنف من الأمراض العقلية أو مرض الانفصام الشخصي.

ويتابع أستاذ الطب النفسي في تصريح خاص لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن بعض المرضى الذين يعانون من مرض الانفصام تواجههم مشكلة "الهلاوس السمعية"، يعتقد خلالها المريض بأنه يسمع أصواتا تعطيه أوامر بالقتل، وينفذ تلك الأوامر حتى يرتاح من تلك الهلاوس التي تنتابه باستمرار.

ويلفت فرويز إلى أن ملامح مريض الانفصام الشخصي تكمن في أن شخصيته تكون "انفجارية اندفاعية تميل إلى العنف اللحظي أو الاندفاعي، وبعدها يشعر بالندم على ما فعل"، مشيرا إلى تفسير آخر بأن يكون الشخص مصاب بـ"الانفصام التشككي" الذي قد يكون له تاريخ مرضي وراثي في العائلة.

ويؤكد فرويز أن المخدرات تلعب دورا رئيسيا في تأسيس الشخصيات المريضة والمجرمة التي تقدم على فعل الشر بكل جدية، وقد تندم أو لا تندم، لكنها تسعى بشكل مستمر لارتكاب الكوارث.

وينصح بأن يتم التعامل مع هذه النوعية من الناس بالعلاج النفسي الاستباقي، حتى يتسنى تفادي حدوث أية جرائم، مع المتابعة المستمرة لهم.