الكاتب الصحفي والشاعر أحمد يحياوي يكتب.. عن الفاسد والفساد والبرامكة

أربعاء, 28/10/2020 - 20:39

يقولون الرجل السفيه هو الذي يجلب الشتيمة لولديه بإساءته الى الناس. ومثل هذا السفيه المبتلى بعقدة أوديب ماكرون حاكم فرنسا الذي يشبه نابليون الامبراطور في قصر قامته ويتناقض معه في وعيه وحنكته.

ماكرون جلب الشتيمة لزوجته العجوز بعدما تطاول على من سلم عليه الحجر والشجر باسم حرية التعبير ورفض نفس الحرية عندما تعلق الأمر به شخصيا.. وتلك هي سياسة الكيل بمكيالين ويظل السؤال ليس هل يشتم الرسل والأنبياء وإنما أي وضيع هذا الذي تحدثه نفسه بالإساءة لنبي مرسل وكيف ان تلق الأمر بخاتمهم؟.

ذلك هو ماكرون الفاسد الذي قتله مكره؛ فهل تعلمون أن الفساد عندنا أفقي وما هو بعمودي وعندهم عمودي وما هو بأفقي؟. وأن الفوضى عندنا أفقية، والتسيب أفقي، والقذارة والتخريب أفقي، والتخريب والآفات الاجتماعية أفقية، والقمع والقهر أفقي؟.

هي حالة نادرة وشاذة، ولكننا لسنا وحدنا في الميدان، جريا على قاعدة لا يغير الحق ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، ثم هل سمعتم بالبرامكة الذين غيروا فتغير حالهم الى نكبة؟.

ربما يظن الذين يعرفون دمشق التي غنى لها أحمد شوقي، وفيروز، أنه حي البرامكة الذي كان ملاصقا لحي السادات والعمارة، وامتدادا لسوق الهال القديم، وفي العمارة كان يقيم أميرنا عبد القادر، بالقرب من ثانوية الحكمة.

والحق ذلك الحي حمل اسمه من البرامكة باعتبارهم النقيض الشامي لكل ما هو عراقي. ومن المدهش فينا وجود من يسأل عن أي أمير تتحدثون، والجزائر حقا لم تعرف إلا أميرا واحدا طوال تاريخها، لذا كل العجب من ذلك السائق الذي طلبت منه أن يقلني إلى ساحة الأمير، فسألني عن أي أمير، فأجبته ببداهة البدوي، وكم من أمير عندنا؟.

لم تكن إمارته عادية، ولم يعش حياة الأمراء، بل كان رجل قتال وعلم وعمل، فما أحوجنا لمثل تلك العقلية، التي تصنع مواطنا يعطي مثلما يطلب، وينتج مثلما يستهلك، ويبذل مثلما يأخذ، وقد اعتدنا على الريع، فأصبحنا وأمسينا مجتمعا يعيش بالصدقة وينام عليها، فأصبحت جزائرنا بجزائريها مواطنا يطلب الصدقات ويبتهج لها، مع أن المفروض والمأمول أن نكون بلدا يهب الصدقات ويعطي المنح، أي الشعب الذي لا يعرف الحرمان والجوع والحاجة والفاقة، وإن عرفهم فلغيره وليس لنفسه.

البرامكة لمن يجهل، هم عائلة من أصول فارسية، كبرت وترعرت في بيت الحاكم، وكان للبرمكية الفضل في إرضاع هارون الرشيد مع ابنها، ولما قويت شوكتهم واشتد عودهم سيطروا على الدولة وحاكمها، حتى أغروا الرشيد على عائلته ولما أفاق الرشيد من غفوته، أجهز عليهم، وكسر شوكتهم، ثم جاء من يكتب عنهم فيمتدحهم ويصف قاتلهم بالمجون والعربدة، أي هارون الرشيد الذي زعموا أنه كان صاحبا لبشار وأبي نواس وغيرهما، ونسي الزاعمون أن هارون كان رشيدا، والرشاد صفة تتنافى مع الفسق والفجور والعربدة، فكيف تسنى لهم أن يجمعوا بينهما في شخص واحد؟.

في الأمر مؤامرة، وليست كونية كمزاعم الأسد، الذي لم يجد من ينصره ويدعمه ضد شعبه، سوى الروس فجاؤوه بعاصفة السوخوي مثل عاصفة الحزم لتي عصفت بأهلها قبل غيرهم.

الخطوب هي التي تكشف معادن الرجال والنساء، وتكشف أيضا معادن الشعوب والأمم كما تكشف أكثر معادن الدول والأنظمة والسلط، والعبودية ليست قدرا مقدورا وإنما إرادة ورغبة نفسية ومسألة ذاتية، فهل تعرفون الفارق العظيم بين بلال الحبشي العبد الأسود وأحد سادة قريش أمية بن خلف؟