المنفذ للفعل المجرم أولا و هو الأصل و الآمر به ثانيا

سبت, 24/10/2020 - 00:41

بسم الله الرحمن الرحيم لا خلاف علي إجماع أن محمد ولد الشيخ الغزواني لموريتانيا منة من الله علي شعب مغلوب علي أمره أنهكه الفقر و الغبن، منة علي شعب في أوحال دولة تئن تحت وطأة الديون و الاتفاقيات المجحفة و الصراعات الداخلية و الأطماع الأجنبية، تكاد تربك الأوراق علي المتتبع العادي للأحداث في كيفية إدارة هذا النظام، فلم يخلق الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني حتى الآن رجالات نظامه ليحكم بهم و لم يواصل نهج سلفه ولد عبد العزيز فكانت الحكومة بين هذا و ذاك و معظم الأجهزة الأخرى علي حالها في ظل فتح ملف اتهم فيه ولد عبد العزيز تارة بغسيل الأموال و أخري بالنهب و الاستيلاء علي ممتلكات الدولة و مواردها خلال عشر سنين  تكاد اللمسات الأخيرة أن توضع علي نهاية التحقيق الابتدائي و إحالته إلي قاضي التحقيق و فتح تحقيق جنائي إذا تم تكييفه أفعاله علي أنها جنائية و القضاء كفيل بالنظر في الملفات و حسمها و القافلة تسير، و من المتعارف عليه أن الرؤساء لا يوقعون صرف النفقات و الاتفاقيات لكن بعضهم يتفنن في الاستحواذ علي الكل من خلال المقربين و الأوامر و التوصيات، فهل يعقل أن يعتقل رئيس دولة سابق علي ذمة تحقيق جنائي و يبقي الذين خدموه من وزير أول و وزير المالية و الوزراء الذين قاموا بالتوقيع علي مشاريع مشبوهة، و كذلك المدراء فهل يعقل مثلا أن يسلم مدير الضرائب من مسؤولية إخفاء بعض الشركات في النظام الضريبي لتتفادى سداد ضرائبها الضخمة؟ و مدير الجمارك إذا ثبت إعفاء مجموعة من التجار من الجمركة بغير وجه قانوني؟ و مدير البنك المركزي في التحويلات الضخمة من العملات الصعبة التي شاعت في الأوساط؟ و إذا أعطيت أوامر رئاسية بجمع الفواصل الزائدة علي المبالغ التي تصرف من ميزانية الدولة و البنك المركزي و التي تبلغ المليارات بوضعها في حساب خاص لتصرف بدون سند قانوني فهل يسلم مدير الخزينة في هذه العشرية  من المساءلة؟ و الأمثلة متعددة كلها قد تكون بتلك الأوامر و التوصيات لكن المنفذ للفعل المجرم أولا و هو الأصل و الآمر به ثانيا و التحجي بالأوامر الغير قانونية جبن و مذلة و لا تدرأ عن صاحبها العقوبة بل تدخله في عمل العصابة و تغليظ العقوبة علي الجميع، فلن يقبل الرأي العام الزج بالبعض في السجون و ترك الآخر خارج أسوارها و إن قبل بقاء بعض من وردت أسماؤهم في هذه الملفات في الوظائف حتى الآن و البعض ينال موعدا فلقاء، مما خلق بعض الإرباك للعامة في هذا الملف في ظرف يشهد فيه البلد صراعا قويا بين بعض القوميين و الإسلاميين علي التحكم في القصر و صنع القرار و كسب ما أمكن من المناصب و الامتيازات، و دخول لا مفر منه للدولة في صراع خليجي علي المصالح و التطبيع، ففي يومين متتاليين حطت طائرتين خاصتين في مطار انواكشوط إحداهما من الإمارات و الأخرى من قطر كلا الطائرتان تحمل هامة كبيرة في مجالها، ناهيك عما نسمعه من صراع في المنطقة يبدو فيه دخول الصين و روسيا و حلفاؤهم علي الفرنسيين و محاولة تحريك المياه الراكدة و في مرحلة لاحقة الأمريكيين لحسم تقسيم الكعكة.

 

ففي هذا الخضم المشار إلي شذرات منه بعجالة لؤلي الألباب و ما يتطلب من حكمة تجعل قيادة محمد ولد الشيخ الغزواني للبلد في محلها لمعرفته أن العلاقات شيئ و تسيير الدولة شيئ أخر و صرامته في ثوبها الهادئ  و ما يتسم به من بصيرة و إنصاف و عدل  فلا احد فوق القانون و المتهم بريئ ما لم تثبت إدانته و الملف قضائي و من قتلته الشريعة فلا أحياه الله، و الدول تبني علاقاتها علي المصالح، فدولة الصين كحليف تقليدي لبلدنا لن تقبل إدخال شركة هوندونغ الصينية في قضايا عملات و رشاوى دعما لما يروج عنها الغرب في العالم الثالث، قد يطلبها بعض الرؤساء اللصوص المجرمون و الخونة و مقربوهم من اجل حصول المستثمر علي امتيازات.

 

 و نحن العمال لا نفقه في كثير مما يقال لان مقياس ازدهار البلد و نموه عند الطبقة العاملة هو الوعاء ( الصابرة أو المرجن) هل زاد ما يوضع فيه من أكل؟ فمراجعة الرواتب و المعاشات الجامدة منذو زمن لتتلاءم مع الغلاء المعيشي هي السبيل الأنجع لذلك، و علي ذكر النمو فتكليف معالي وزير الشؤون الاقتصادية عثمان مامودو كان بالدراسات للنهوض باقتصاد البلد و إعطاء دفعا للتنمية حسب العارفين به موفق، لكن كلما وضع من خطط علي المدى القصير لن يخفي عليه كخبير اقتصادي احتسابها علاجا لاقتصاد خرج من عشرية  مريضا و منهكا ليقف علي قاعدة صلبة يمكن أن تنطلق منها تنمية ينشدها الجميع و سهلة المنال، لكن من تدبير القائد تزداد الرواتب و المعاشات و يعم الرخاء و يعم السلم الاجتماعي و يختفي التزلف و النفاق و يطمئن المرء في بيته و وطنه.

الشيخ سيد أحمد