يحيى"الشيخ يحيى!" /عبدالفتاح سيدي محمد أبغش

أربعاء, 19/02/2020 - 22:31
عبدالفتاح سيدي محمد أبغش

وطّن الشيخُ يحيى بنُ الشيخ سيدي المختار (اباه) بن الشيخ سيدي محمد بن الشيخ سيديا نفسَه على أن لا وطن لها أو مُستقرَّ في هذه الحياة؛ حيث ظلّ مُتنقِّلا من مكان لآخر فارّا بعلمه ودينه، ولم يستقرّ بمكان واحد أو يستقلّ رغم توفّرِ المقومات كمّا وكيفا (اللهم بارك ولا تضر!)، ولم يمنع ’عدمُ استقراره بمكان واحد‘ من إقبال طلبةِ العلم عليه من مشرق الوطن و مغربه أو يَحُدَّ من توافدِهم عليه من كلّ حدبٍ وصوب.

ورغم اشتراك 'محظرتِه' المجالَ الجغرافي ذاته (ضواحي بتلميت) مع محظرتيْ " أهل داداه" و "أهل الدولة" العريقتين في المجال، إلا أن "سندَه" ظلّ أبرزَ وسامٍ يتقلدُه الحافظُ وأقوى دليلٍ على كفاءته حفظا وإتقانا، وكفى تبريزا أن يُقال: "هذا من تلاميذ الشيخِ يحيى!" لم يستغلّ الشيخُ هذه المكانة العلمية التي حظي بها لمقارعة توجّهٍ آخر أو منهج مخالف لتوجّهِه الصوفي أو منهجِه القائم على الزهد، وما قد يتبعُ ذلك من ردودٍ تُذْكي الصراعَ الطائفي وتحُدُّ من القيمة العلمية للشيخ أو مكانتِه عند المُخالِف. ورغم معايشتِه تجاذبات عديدة عرفها المحيطُ، بفعل التيارات المتعددة وخلفياتها السياسية داخل القبيلة الواحدة، نأى الشيخُ باسمه ووسمه وحاشيته... عن الوقوع في مُستنقعات الخلاف أو مُعتركات السياسة رغم منزلتِه القومية وحاضنته الشعبية.

واليوم بعد أن بلغ الخلافُ أوجه بين مختلِف التوجهات الإسلامية، والصراعُ أشدّه بين التحالفات السياسية، ولم يعد بالإمكان تصورُ سياقٍ يجمع مختلِفَ تلك التوجهات أو التحالفات في مكان واحد إذا بـ"عيادة الشيخ يحيى" بمستشفى الشيخ حمد تجمع السلفيَّ –على غير العادة– بالإخواني جنبا إلى جنب مع الصوفي، في الحين الذي جمعت فيه ندَّ الأمس سياسيا بندِّه في سكينةِ المقام ووقار المقصد؛ ليكون بذلك الشيخُ يحيى الشخصيةَ العلمية التوافقية الوحيدة بالمقاطعة التي لا يُعكّر صفو علمِها تعصبٌ لاتجاه أو تحيزٌ لحلف سياسي مُعيّن.

شفى الله الشيخ يحيى وحفظه ومتّع به البلاد والعباد!

عبدالفتاح سيدي محمد أبغش