سفارات للإجرام

ثلاثاء, 30/07/2019 - 03:04

سيدي علي بلعمش

ـ ظهرت تكيبر مبكرا في عملية انحراف الأسرة ؛ زرعت شبكات تجسس و قوادة و خدمات ضيافة "حديثة" في الوزارات و الإدارات و السفارات لابتزاز الموظفين الكبار و تحولت إلى اخطبوط مالي متنقل، معفي من كل أنواع المساءلة . 
و بدأت قصص شراء الشقق الفاخرة في المغرب على كل لسان ، كانت السبب في طرد حفيظ البقالي، رئيس مكتب وكالة المغرب العربي للانباء ( الوكالة الرسمية المغربية ) في 23 دجنبر 2011 و طلب خروجه من البلاد خلال 48 ساعة. 
دفع تدهور العلاقات حينها مع المغرب بسبب طرد البقالي ، المخابرات و الأجهزة الأمنية المغربية إلى كشف حقيقة تكيبر و شبكة تهريبها بقيادة سيدي محمد ولد أبوه (زوج ابنة خالتها)، للأموال الموريتانية إلى المغرب و دبي و انكشفت خيوط تسهيلات البنك المركزي لعصابة شبكته (من النساء المعروفات أساسا) و جوازات السفر الدبلوماسية المقدمة لهم من طرف وزارة الخارجية . ثم جاءت فضيحة الفيلا في باريس و ضبط الأمن الفرنسي لمبالغ ضخمة عند تكيبر ، لم يتعودوا تنقل أموال بحجمها في الصناديق، خارج الحسابات المصرفية. 
كان أحمدو ولد عبد العزيز ابن أبيه و أمه ، فسادا و استهتارا و سخافة و تمهرا في النصب و الاحتيال. كان الإجرام يسري في عروقه مجرى الدم و كان طغيان والده يسعفه بما يحتاج من جراءة لاحتقار الجميع و استسهال أي مستحيل. 
أصبح التفكير في خلافة أحمدو ولد عبد العزيز ظاهرا للعيان من خلال حضوره البارز في كل المجالات و انفتاحه على طوابير التملق التي سيحتاج الترويض على فنيات التعامل معها . 
تفجرت سريعا مواهب الشاب محدود التعليم و الحضور الاجتماعي، في مجال المال و التنظيم المافيوي: 
ـ ارتبط بعلاقات متطورة بمجموعة إيريك والتير و تنظيم رحلات مغامري الطيران الخفيف المشبوهة.. 
ـ أسس خلية تجسس و تصفيات في داكار (خلية السياب أو الهمال) من بينهم لبناني شقيق لصاحب مطعم مشهور في نواكشوط تربطه به علاقات صداقة حميمة و فني معلوماتية، مغربي خبير في التنصت و المتابعة و القرصنة (دينامو الخلية) و مفتش شرطة موريتاني متقاعد و أصحاب مهام خاصة من السنغاليين و الأفارقة و شاب موريتاني تم تكليفه بالعمل في مجال تقديم "خدمات" الضيافة و العلاج للقادمين من البلد ليكون على احتكاك بأكبر عدد من الموريتانيين في السنغال. و تم ربط الخلية جزئيا (من دون تلقي أي أوامر منه) بالجاسوس السفير شيخنا ولد النني. 
ـ أنشأ منظمة خيرية ، تحولت سريعا إلى إمبراطورية مالية غامضة المصادر.
ـ فتح حسابات بنكية في عدد من الدول الغربية و تحويل مبالغ ضخمة إليها مجهولة المصادر (في حدود 4 مليار دولار) ، ظهرت بعد وفاته (22 دجنبر 2015) من خلال فضيحة احتواء زوجته السلوفاكية ماغدلينا كرالوفيسوفا عليها .

ـ تم تزويد كل أفراد الأسرة بجوازات مغربية (ضمن احتياطات الخطة B) 
ـ و في 10 يونيو 2013 ، تفجأ الموريتانيون بإطلاق وسائل الإعلام الرسمية اسم مريم بنت أحمد، على تكيبر بنت ماء العينين ولد النور ، أثناء استقبالها لزوجة الرئيس المالي التي كانت حينها تقوم بزيارة للبلد. (زوروا كل شيء و رتبوا كل شيء و دمروا كل ما يمكن أن يشكل عثرة في طريقهم) .. 
ـ في هذه الفترة كان ولد عبد العزيز يخطط عن طريق المجرم سيدي ولد التاه ، لعملية نهب كل ما في البلد من خيرات ، فحول كل قطاعات الدولة إلى مصبات في مصالحه الخاصة و اختار لهذه القطاعات مرتزقة إدارية لتنفيذ المهمة : ولد أجاي ، أمربيه ربو ، ولد اشروقه ، ولد عبد الفتاح ، عزيز ولد الداهي (...) و على مستوى القطاع الخاص حكم أهل غده و أهل ودادي و زين العبدين و الصحراوي و آخرين (بين شركاء و سماسرة) في كل شيء ليكونوا مصبات هم الآخرين في مصالحه الخاصة : أصبح كل ما في البلد يصب حتما في حسابات ولد عبد العزيز : مثلا ، يتم تمويل طريق في تفرغ زينة : يأخذ ولد عبد العزيز نصف التمويل و يفرض أن يمر الشارع على مبانيه الخاصة و أن يتم تنفيذه بتأجير شاحناته و آلياته بأسعار مضاعفة. و هذا أحد أسرار اهتمامه بالطرق و تغنيه بها.
ـ و على المستوى الدعائي، جند ولد عبد العزيز خلية إزعاج ، ليس لديها ما تقوله لكن مهمتها مشاغلة الساحة و أن لا تترك الشعب يستمع إلى أي آخر، بالصراخ و المقاطعة و التباكي : الغبي ولد الشيخ و ولد محم خيره و زيدان و بنة و الخليل ولد الطيب و هوليغانص برلمان شبيكو.. 
بعد اكتمال مخطط النهب و طرق التغطية عليه (التي فشلت حتى أصبحوا ينهبون المؤسسة و يغلقونها و يحرقون آرشيفها : سونمكس، إينير ...) ، تم التفكير في عملية تهريب هذه الأموال إلى الخارج فجاءت فكرة فتح سفارات صالحة للمهمة من ناحية بعدها عن الأنظار أولا و عدم تواجد موريتانيين فيها و هشاشة أو تسامح قوانين البلد المستهدف في تنقل الأموال و تبييضها : 
ألغى ولد عبد العزيز سنة 2015 مقترح نظام أساسي للدبلوماسيين أعدته مجموعة من الدبلوماسيين في زمن تولي ولد تكدي وزارة الخارجية ، يشمل ترقيات الدبلوماسيين و طرق تعيينهم و تحديد نسبة معينة منهم يترك تعيينها للرئاسة و أصبحت كل التعيينات و الإقالات في الوزارة من اختصاصه وحده ، بما فيها ترقية الموظفين الصغار . 
و هكذا تم ما بين 2015 و 2016 فتح سفارات موريتانية في غانا : تتذكرون صناديق كومبا با و فضيحة "غانا ـ غيت" (السفير محمد عبد الله البخاري) و أريتيريا (السفير ودادي ولد سيدي هيبه ) و البيرو (السفير عبد الله ولد اباه الناجي ولد كبد ) و الإيكوادور (السفير عبد الله ولد الناجي ولد الكبد ) و السيشل (السفير محمد ولد حنانى ) و إمارة آندورا (السفير وان عبدو الله إدريسا) و صربيا (السفيرة مريم بنت أوفى ) و موناكو (السفير وان عبدو الله إدريسا ) و الفيلبين (السفير يحي انغام ) و هولندا (السفير عبد الله الناجي ولد الكبد) و غينيا بيساو : موطن رفيق عمره و صديقه الحميم بارون المخدرات قائد أركان البحرية في غينيا بيساو آنتونيو انجاي (يحاكم الآن في أمريكا في قضية مخدرات) و مرتع صديقه الحميم أحميده ولد بشراي) (القنصل العام باب ولد بلاه) و في دجنبر 2017 تم فتح سفارة في النرويج (السفير عبد الله ولد أباه الناجي ولد كبد ) و في الأخير سوازيلاند (لم يتأكد فتحها بعد ) و إندونيسيا (السفير محمد ولد الطالب) .
فماذا يمكن أن تستفيد موريتانيا من فتح سفارات في هذه البلدان؟ هل نحن مترفون إلى حد فتح سفارات في بلدان أكثرها مجهرية و ليس لأي منها أي روابط من أي نوع مع بلدنا؟ 
و لأننا نتحدث عن ولد عبد العزيز ـ و هذا تدركونه جميعا ـ فلا بد أن يكون سؤالنا في محله : ماذا "يستفيد" ولد عبد العزيز من فتح سفارات في هذه البلدان؟ 
الجواب غير المشفر؛ تم فتح سفارات في هذه البلدان لتحويل الأموال إليها إما للاستثمار فيها بعيدا عن أنظار الموريتانيين و إما لتبييض الأموال بعيدا عن الرقابة الدولية لا سيما أن بعضها أوكار لألعاب القمار كل الأموال فيها قذرة.
و يجعل ولد عبد العزيز المغرب و فرنسا و دبي واجهة خادعة لما نهب من أموال البلد في حين أن ما فيها ـ على ضخامته ـ لا يمثل أي شيء من حقيقة ما نهب.
هذه هي الخارطة الكاملة لتوزيع ثروات ولد عبد العزيز أي حوالي 70% من مداخيل موريتانيا خلال أكثر من عشر سنوات و حوالي 80 % من الديون المستحقة عليها خلال خمسين سنة قادمة .. و بيع المطارات و المواني و اتفاقيات الصيد مع الصين (بوليهوندونغ و سونرايس) على امتداد حوالي 50 سنة قادمة، حسب تصريحات جهات صينية مسؤولة..
قصة نهب ولد عبد العزيز للثروة الموريتانية بهذه الطرق العجيبة تتشابه بشكل غريب مع قصة الشيخ الرضا : كل شيء فيها مكشوف .. كل شيء فيها سخيف .. كل شيء فيها خالي من أي معنى .. كل شيء فيها غير مقنع .. كل شيء فيها مستحيل ، لكنها وقعت و وقع الجميع في حبائلها بكل غباء . 
كل من تعاملوا مع ولد عبد العزيز و قربهم و أعطاهم الامتيازات ، يجدون أنفسهم اليوم في ورطة بلا مخرج .. كل من سهلوا عمليات نهبه يجدون أنفسهم اليوم في ورطة .. كل من توهموا أن التقرب إليه مجدي يجدون أنفسهم اليوم على حافة الإفلاس .. كل من اشترى منهم خسروا و كل من باع لهم يعيشون حالة خوف من المجهول (...) 
على الجيش الموريتاني أن يتحمل مسؤولياته الوطنية : قد طفح كيل هذا المجرم الحقير.

موقع العلم