التعاون الثنائي بين الدول الإفريقية / إسلمو ولد سيدي أحمد

جمعة, 19/04/2019 - 14:38

التعاون الثنائي بين الدول الإفريقية/ موريتانيا والمغرب نموذجا، ودور المنظمات الدولية والمجتمع الأهلي/ المدني في تنمية العلاقات الإفريقية البينية/ الفرص المتاحة والتحديات

يُعَدّ التعاون الثنائي بين دولة وأخرى ركيزة مهمة لبناء تعاون دولي متعدد الأطراف.

نذكر في هذا المجال أنّ بعض قادة الدول، في مرحلة حاسمة من تاريخ العالم، قد استطاعوا أن يؤسسوا مجموعة "دول عدم الانحياز" بناءً على العلاقة الثنائية الجيدة القائمة حينئذ بين كل قائد ونظيره في كل دولة من تلك الدول (على حدة). ولا ننسى ما حققته هذه المجموعة من إنجازات لبلدانها، لعل من أهمها تكوينَ موقفٍ سياسي مستقل غير خاضع للارتماء في أحضان إحدى القوتين العظميين في ذلك الوقت (الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي).

ممّا يؤكد أيضا هذه الرؤية أنّ قادة دول اتحاد المغرب العربي، استطاعوا تأسيس هذا الاتحاد (1989) بفضل ما كان بينهم من تقارب في وجهات النظر حول النهوض بدولهم والتعاون على تذليل العقوبات التي تواجهها.

في السياق نفسه نجد أنّ المملكة المغربية الشقيقة حصلت لديها قناعة بأهمية العودة إلى الاتحاد الإفريقي (بعد انسحابها من منظمة الوحدة الإفريقية)، بفضل علاقاتها الثنائية الجيدة مع العديد من الدول الإفريقية.

 يتضح ذلك بجلاء من خلال الاتفاقات المتعددة المبرمة بين المملكة والعديد من الدول الإفريقية.

ولا شك في أنّ الانخراط في تكتلات من هذا النوع والحجم، معين على النهوض بالمجالات المختلفة ذات الاهتمام المشترك.

وما زلنا نتذكر، مقولة الحسن الثاني رحمه الله: "المغرب شجرة جذورها في إفريقيا وأغصانها في أوروبا، ومقولة المختار ولد داداه رحمه الله التي ترجمت من الفرنسية إلى العربية: "موريتانيا همزة وصل بين إفريقيا والعالم العربي"، بمعنى أنها جسر/ أو أداة ربْط بين إفريقيا والعالم العربي.

إذا استحضرنا المقولتين، سنجد أنّ الموقع الإستراتيجي لموريتانيا والمغرب يجعل منهما جسرا يربط بين أوروبا والعديد من دول إفريقيا الغربية.

 يؤكد ذلك-على سبيل المثال لا الحصر- أنّ المنتجات المغربية تصل الآن برًّا إلى السنيغال ومالي وغيرهما من دول المنطقة عبرَ الأراضي الموريتانية.

مع ملاحظة أنّ الموريتانيين يَعُدون المغرب وجهتهم المفضلة، سواء أتعلق الأمر بالدراسة أم الاستشفاء أم التجارة أم السياحة أم اقتناء العقارات، وغير ذلك.

 بمعنى أن البلدين محكوم عليهما بالتعاون وتعزيز العَلاقات في مختلِف المجالات، لما في ذلك من مصالحَ مشتركةٍ تتجاوز مصلحة البلدين لتشمل مصالح يشتركان فيها مع بلدان إفريقية أخرى.

يعزز هذا الواقع، ما نراه في الآونة الأخيرة من توجه مغربي، بتوجيهات سامية من جلالة الملك محمد السادس، إلى ربط شراكة مكثفة مع الدول الإفريقية، وقد تجلى ذلك في الزيارات المتعددة التي قادها العاهل المغربي بنفسه إلى عدة دول إفريقية وأشرف خلالها على توقيع العديد من الاتفاقات ذات الطابع التنموي وبتمويلات مشتركة، في إطار تعاون جنوب/ جنوب، تحت شعار: رابح/ رابح.

 يضاف إلى ذلك، ما بذلته المملكة المغربية في مجال احتضان المهاجرين الأفارقة الوافدين عليها وتسوية أوضاعهم المتعلقة بالإقامة وغيرها ودمج بعضهم في سوق العمل.

وبالنسبة إلى موريتانيا، فلا يفوتنا أيضا أن نشير إلى أنّ فخامة رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية/ محمد ولد عبد العزيز، بذل في السنوات الأخيرة جهودا محمودة في مجال حل بعض النزاعات الإفريقية الشائكة، والعمل على استتباب الأمن والسلام في المنطقة، والتصدي للعنف والغلو والتطرف ومكافحة الجريمة المنظمة العابرة للقارات، والتعاون في مجال تنظيم الهجرة.

يُشار إلى أن تجمع دول الساحل والصحراء (س ص)، قد خلق بدوره إطارا للتشاور بين دول الساحل، نتج عنه إنشاء القوة المشتركة لهذه الدول ضمن ما يعرف بقوة (5G) التي ترأسها موريتانيا حاليا.  وقد أُسنِدَ إلى المغرب، في القمة الأخيرة لهذا التجمّع (13 أبريل 2019م)، منصب الأمين التنفيذي المساعد.

ولا شك في أنّ وجود موريتانيا والمغرب في مختلِف التجمعات الإفريقية، سوف يساعد على المزيد من التأثير الإيجابي في اتخاذ القرارات الإفريقية التي تخدم مصلحة البلدين الشقيقين بصفة خاصة، ومصلحة القارة بصفة عامة.

نثمن هذا التوجه المغربي الموريتاني إلى تكثيف التعاون مع الدول الإفريقية الصديقة والشقيقة وننوه به، ونعتقد أنه ينم عن حكمة وتبصر وبعد نظر لدى المسؤولين، ويلبي طموحَ المواطنين في هذين البلدين الشقيقين العربيين الإفريقيين (موريتانيا والمغرب).

 مع ملاحظة أننا لا نريد أن يكون التوجهُ الموريتاني المغربي إلى التعاون مع الدول الإفريقية غير العربية، على حساب التعاون العربي العربي. وعلينا أن نتذكر في هذا المجال، أنّ نصف الأقطار العربية يقع في القارة الإفريقية.

 بمعنى أننا ندعو إلى أن يكون التعاونُ الإفريقي الإفريقي داخلا-بشكل أو بآخرَ-في مجال التعاون العربي الإفريقي. ولا تعارضَ بين الأمرين، بل تكامل تفرضه عوامل التاريخ والجغرافيا وحسن الجوار والمصالح المشتركة.

 التعاون الموريتاني المغربي:

لقد عرف هذا التعاون خلال خمسةِ عقودٍ من الزمن، فتراتِ صُعودٍ وفتراتِ هبوطٍ، وهو أمر طبيعي يحدث بين أفراد الأسرة الواحدة، لا تخلو منه أيُّ علاقة مهما كانت. وعلى الرُّغم من ذلك، فقد كانت الحصيلةُ إيجابيةً في مُجمَلِها.

نعتقد أن السر في كون البلدين الشقيقين استطاعا-بتوفيق من الله-أن يحافظا على هذه العلاقات الطيبة، يكمن في جعل مصلحة الشعبين أهمَّ من مراعاة موقف حكومي معين أملته ظروف آنية قد تكون خارجة عن إرادة الدولتين.

لقد كنتُ شاهدا على أهم فترة وصلت فيها العلاقاتُ بين البلدين الشقيقين أوجَ ازدهارها، عندما كنتُ مستشارا وقائما بالأعمال بسفارة موريتانيا بالرباط (من 1974 إلى 1978م).

أكتفي هنا بالتذكير بما تلقيناه من دعم في مجال قطاعَي التعليم والصحة. لقد فَتحت الجامعاتُ والمعاهدُ المغربية أبوابَها أمام الطلاب الموريتانيين، ومن النادر اليومَ أن تجد إدارة موريتانية تخلو من خريجي هذه المؤسسات. لقد أُسِّست لهذا الغرض: "الوكالة الموريتانية المغربية للتعاون" لتسهيل تسجيل الطلاب، ومواكبتهم في أثناء الدراسة. وما زال الطلاب الموريتانيون يجدون الاهتمامَ والرعاية اللازمين، من لدن المصالح المغربية المختصة، على مستوى الوكالة المغربية للتعاون الدولي (بعد إلغاء الوكالة الموريتانية المغربية للتعاون).

بعد هذا العهد الذهبي في العلاقات، مررنا بفترة عصيبة وصلت الأمورُ فيها-وهو أمر مؤسف- إلى قطع العَلاقات الدبلوماسية بين البلدين الشقيقين. ومن حسن الحظ أن ذلك لم يدم طويلا.

ستعود العلاقاتُ الدبلوماسية من جديد إلى سابق عهدها، ويبدأ تدريجيا التعاونُ الثنائي بين الدولتين في الانتعاش. مع ملاحظة أنّ الفترة التي قُطِعت فيها العلاقاتُ الدبلوماسية، لم تنعكس سلبيا بأي حال من الأحوال، على مواطني البلدين.

 ولمّا كنتُ قد انتقلتُ من العمل الدبلوماسي إلى العمل الثقافي بالمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (بمكتب تنسيق التعريب بالرباط)، فقد كنتُ شاهدا على المعاملة الحسنة التي حظي بها الموريتانيون الذين يفدون إلى المغرب من أجل الدراسة أو العلاج أو السياحة أو التجارة وغيرِ ذلك. وما زلت أتذكر المقولة المنسوبة إلى الحسن الثاني رحمه الله، تعليقا على قطع العلاقات الدبلوماسية، عندما قال: المهم الشعوب، الحكام زائلون.

يلحظ المراقب لتطور العلاقات بين البلدين، أن السنواتِ الأخيرة عرفت هي الأخرى ما أشرنا إليه سابقا من تقلبات أملتها ظروف خاصة، لا يتسع المقام للخوض في تفاصيلها.

ومع ذلك فقد حافظ البلدان على حد مقبول، وإن كان لا يرقى إلى ما نصبو إليه جميعًا من تعاون مثمر.

ولعلنا نستبشر خيرا بأن مؤشراتِ الوقت الراهن توحي بأننا مقبلون-بإذن الله-على تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين الشقيقين، حتى نتمكن من استشراف المستقبل في ضوء تجارب الماضي ومعطيات الحاضر.

نعتقد أنّ الدول الإفريقية الأخرى، تستطيع أن تستفيد من نموذج التعاون الموريتاني المغربي، بحيث تراهن على شعوبها التي تتوق إلى تنمية شاملة في ظل الأمن والاستقرار والتعاون الأخوي.

وعلينا جميعا أن ندرك أنّ ما يجمع شعوب المنطقة أكثر بكثير ممّا يفرقها، وأنّ الإنسانَ قويٌّ بتعاونه مع الآخرين ضعيفٌ بمفرده. وكذلك الدول.

دور المنظمات الدولية والمجتمع الأهلي في تنمية العلاقات الإفريقية البينية:

المنظمات الدولية، هي المؤسسات والهيئات التي يَتكوَّن منها المجتمعُ الدولي.

من أنواع المنظمات الدولية:

-منظمات دولية عالمية، مثل: هيئة الأمم المتحدة.

-منظمات دولية قضائية، مثل: محكمة العدل الدولية.

-منظمات دولية فنية، مثل: منظمة الصحة العالمية، منظمة التغذية والزراعة، منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو)، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (أليكسو)، المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، إلخ.

-منظمات دولية إقليمية، مثل: جامعة الدول العربية، الاتحاد الإفريقي (منظمة الوحدة الإفريقية سابقا).

تُعنَى المنظماتُ الدولية الحكومية-بصفة عامة- بالبحث عن تكوين موقف مشترك من قضايا معينة مطروحة للتداول حولها، دون أنْ يعنيَ ذلك ممارستَها لسلطة فعلية ما لم تكن مفوضةً من طرف الدول الأعضاءِ في المنظمة.

يتم ذلك في ضوء القوانينِ والإجراءات المنصوصِ عليها في النصوص المنظِّمة لسير العمل في هذه المنظمات. وهنا يكمن دورُ المنظمات الدولية في تعزيز التعاون والتفاهم بين الدول التي أنشأتها، وفي العمل على كل ما من شأنه أن يحقق الأهدافَ المشتركة للدول الأعضاء.

المجتمع الأهلي:

قد يرى بعض الباحثين أنّ هناك فرقا بين المجتمع الأهلي والمجتمع المدني، على أساس أنّ المصطلح الثاني (المجتمع المدني) حل اليوم محل المصطلح الأول (المجتمع الأهلي).

غير أنّ ما نعنيه بالمجتمع الأهلي في تصورنا هذا، يفترض دمجَ المصطلحين في مصطلح واحد يتجسّد في المجتمع غيرِ الحكومي (منظمات، هيئات، اتحادات، جمعيات، منتديات، إلخ) الناشطِ في مجال تنمية العلاقات بين الدول، وتوجيهِ أصحاب القرار، والعملِ على بناء الثقة بين الحكومات والشعوب، وخدمةِ المجموعات البشرية ذاتِ الأوضاع الخاصةِ، وترسيخِ ثقافة المواطنة، وتحقيقِ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين..

الفرص المتاحة:

إفريقيا، ثاني أكبرِ القاراتِ (بعد آسيا) من حيث المساحةُ وعددُ السكان. أكثر من 30 مليون كلم مربع. أكثر من مليارِ نسمة. أكثر من 50 دولة ذات سيادة. يرى بعض الباحثين أنها أصلُ الوجود البشري. يمر خطُّ الاستواء خلالَها، وتشتمل على مناطقَ مُناخيةٍ متعددةٍ ومتنوعةٍ. يقال إنها ربما تضم أكبرَ تشكيلة من الحيوانات البريةِ من حيث الكثافةُ والتنوعُ، بالإضافة إلى المخلوقاتِ المنتميةِ إلى الحياة المائية من تماسيحَ وبرمائياتٍ وغيرِها، ممّا يساعد على التوازن البيئي. في بعض الدول الإفريقية-حسب بعض الإحصائيات-أكثرُ من نصفِ عددِ السكانِ تقل أعمارُهم عن خمْسٍ وعشرينَ (25) سنة، ممّا يعني أنها قارةٌ ما زالت في ريعان شبابها. يعيش معظم سكان القارة على الزراعة، ممّا يعني وفرةَ الأراضي الصالحةِ للزراعة. تتميز بعضُ الدول بوفرة مواردِها الطبيعيةِ مقارَنةً بدول أخرى تتميز بضعف الموارد، ممّا يعني إمكانيةَ التكاملِ الاقتصادي. تزخر القارةُ بكل أنواع الثرَواتِ، من ماشيةٍ وأسماكٍ ومعادنَ مختلفةٍ، ممّا يعني أنها قارةٌ غنيةٌ بكل ما في الكلمة من معنى.

ولا أدل على ذلك من توجُّه العالم في الوقت الراهن إلى الاستثمار في إفريقيا.

 يقال إنّ جمهورية الصين الشعبية وحدَها، قد استثمرت في إفريقيا سنة 2007م ما يربو على مليارِ دولارٍ أمريكيٍّ.

بعد استعراض نماذجَ من الفرص المتاحة التي ينبغي لنا التفكيرُ في طرائقِ استغلالها على أحسن وجه، ننتقل إلى إعطاء نماذجَ من العقباتِ التي يجب تذليلُها والرهاناتِ التي ينبغي كسبُها حتى نصل إلى الأهداف المنشودة.

التحديات:

على الرُّغم من وفرة الموارد الطبيعية، فإنّ إفريقيا ما زالت-بصفة عامة- الأكثرَ فقرًا وتخلفا بين قارات العالم.

من مظاهر ذلك (دون تعميم): ارتفاعُ المديونية الخارجيةِ، انتشارُ الجهلِ والفقرِ والمرضِ، بسبب فساد بعض الحكومات وسوءِ التخطيط وانتهاكِ الحريات والصراعاتِ العرقية. عدم الاستقرار السياسي المتمثل في كثرة الانقلابات العسكرية. الصراعات القبلية. حرب العصابات. انتشار الجريمة المنظمة. ضعف الإجراءات المتعلقة بتوفير المياه العذبة والكهرباء ومختلف البنى التحتية.

ومع كل ذلك، فقد عَرَفت القارة في نهاية القرن الماضي وأوائلِ القرن الحالي معدلاتِ نُموٍّ اقتصادي وصلت في فترة معينة-حسب بعض الإحصائيات- إلى 5 في المائة. وذلك بسبب استخراج بعض المعادن، وتزايُدِ الاستثماراتِ الأجنبيةِ، والتحسنِ في مجال إدارةِ مواردِ الدولةِ.

يضاف إلى التحسنِ الاقتصادي، ما نلاحظه من تزايدِ الوعيِ بضرورة التناوبِ السلمي على السلطة، الأمر الذي من شأنه أن يضع حدا للوصول إلى الحكم بطرق غيرِ دستورية.

وفي ذلك ضمانٌ للاستقرار السياسي والأمني الضرورييْن لأيّ تنمية مستديمة.

الخاتمة:

تحدثنا في هذا العرض عن التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف بين الدول الإفريقية، مع التركيز على التعاون الثنائي بين بلدين شقيقين عربيين إفريقيين، هما: موريتانيا والمغرب.

أشرنا إلى أنّ التعاونَ الثنائيَّ، عاملٌ مساعدٌ على تعاونٍ متعددِ الأطرافٍ وممهدٌ له.

حاولنا إلقاءَ الضوء على دور المنظمات الدولية والمجتمع الأهلي/ المدني في تنمية العَلاقات الإفريقية البينية.

استعرضنا نماذجَ من الفرص المتاحةِ للقارة، والتحديات التي عليها أن تواجهَها.

ولمّا كان هذا اللقاءُ المبارك يندرج ضمن فعاليات النسخة الثانية من "منتدى الصداقة المغربي الموريتاني"، فإننا نلتمس من المسؤولين أن يستمروا في تعزيز العَلاقات الممتازة القائمة حاليا بين البلدين الشقيقين.

مع التذكير بضرورة تكثيف جهود البلدين- مع بقية الأشقاء في الدول المغاربية الأخرى- من أجل تفعيل اتحاد المغرب العربي، ليقوم بالدور المنوط به على أكمل وجه.

إنّ ما يجمع مواطني الدول المغاربية أكثرُ ممّا يفرقهم.

من ذلك، وحدة العقيدةِ واللغةِ والعاداتِ والتقاليدِ، والماضي المشتركِ، ووحدةِ المصيرِ، والتطلع إلى مستقبَل أفضل.

إنّ مسؤولية الحكومات والشعوب المغاربية تقتضي، أن يجدوا الحلول المناسِبة، بالسرعة الممكنة، للقضايا العالقة التي تشكل عقبة في طريق تفعيل اتحاد المغرب العربيّ، هذا الاتحاد الذي تُعلِّقُ عليه جماهيرُنا آمالا عريضة.

 يجب أن نشخّصَ هذه القضايا تشخيصا دقيقا وموضوعيا، فالتشخيص نصفُ العلاج، ثمّ بعد ذلك، تأتي مرحلةُ تناوُل العلاج الناجع.

إنّ قوتنا تكمن في وحدتنا. وكما قال الشاعر:

"تَأبَى الرِّمَاحُ إِذَا اجْتَمَعْنَ تَكَسُّرًا * وَإِذَا افْتَرَقْنَ تَكَسَّرَتْ آحَادَا".

يشار إلى أننا ما زلنا-بعد مرور ثلاثين سنة على تأسيس هذا الاتحاد- ننتظر الشروعَ في اتخاذ إجراءات عملية لتنفيذ مشروعاته وخُططه وبرامجِه.

من ذلك، على سبيل المثال لا الحصر: تسييرُ قطار عابرٍ للبلدان الخمسة، وتشييدُ طريقٍ سيّارٍ، وفتحُ الحدود البرية المغلقةِ بين البلدين الشقيقين (الجزائر والمغرب)، والتخفيفُ من قيود إجراءات تنقل الأشخاص والبضائع، وتيسيرُ العمل والإقامة، وغيرُ ذلك ممّا تتوق إليه شعوبُ المنطقة.

نستنتج من كل ما سبق، أنّ الاتحادَ يصنع القوة، والتعاونَ يذلّل الصعوباتِ، وأنّ القارةَ الإفريقيةَ الغنيةَ بثرواتها الطبيعية المتنوعةِ وطاقاتها البشريةِ الحية، قادرةٌ-بإذن الله-على شق طريقِها نحو مستقبلٍ أفضلَ.

والله ولي التوفيق.